وأبعد بعض أصحابنا، فمنع الزيادة على الواحدة، اجتناباً من ثقل المؤنة.
٧٩٤٧ - والتزويج عند طلب السفيه؛ مما ظهر فيه الاختلاف بين الأصحاب.
فمنهم من راعى فيه الحاجة، كالمجنون البالغ؛ فإن السفه لا منتهى له يُرْقَب زواله، ومنهم من بنى التزويج على المصلحة؛ فإن من كانت له غريزة العقل، فيتوقع أن تحنكه التجارب ويرشد بعد الغي، وليس كذلك المجنون؛ فإن إفاقته بعيدة.
ثم قد يبتني على هذا الخلاف الزيادة على واحدة، ولكن السفيه يختص بأمر؛ وهو أنه لا يزوَّج ما لم يطلب، لما مهدناه في فصل المحجور. وقد قال الشافعي:"لو كان السفيه مطلاقاً، لم أزوج منه، وملّكته جارية يتسراها، ثم لا ينفذ إعتاقها".
فهذا منتهى الفصل.
٧٩٤٨ - ونحن نختتمه بشيء، وهو أن الابن المجنون الصغير يجب أن يقطع بأنه لا يُزَوَّجُ منه؛ فإن التزويج من المجنون محمول على الحاجة، ولا حاجة في حق الصغير. وقد ذكرت في التزويج من الابن الصغير وجهاً لبعض الأصحاب، فإني ضممتُ الثيب الصغيرة المجنونة إلى الابن الصغير المجنون، ونظمتُ فيهما ثلاثةَ أوجه، كما تقدم. فلو كان على التزويج من الصغير المجنون معوّل، لاستنبطت منه أن التزويج من الابن البالغ المجنون مصلحة، ولكن لا أصل لذلك الوجه، وليس هو مما يعتد به، ولا يُلفى في الطرق إلا رمزاً. ومن صرح به زيّفه.
ولا ينتفع [بأمثال](١) هذا الفصل -مع ما فيه من تعارض الأصول الملْتَفَّة- من لم يأنس بكلامنا في مآخذ الشريعة، والله ولي التوفيق وتعميم النفع بهذا المجموع.
٧٩٤٩ - ونحن نختم هذا الفصل بأمر كلي، فنقول: إن علقنا التزويج بالحاجة، فإن كان لصاحب الحاجة عبارة؛ رجعنا إليها، كالسفيه، وإن لم تكن له عبارة، كالمجنون، فالنظر إلى مخايل تشوفه وتوقانه.