للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمال الشفقة، ولذلك لم يل تزويج الصغيرة.

ومن أصحابنا من قال: يزوجها السلطان بما يزوج الأب به - وهو منهاج الاستصلاح.

ويبتني على هذه القواعد أمور، منها: أن الأصحاب اختلفوا في أن الأب هل يزوج الثيب الصغيرة المجنونة؟ وقد ذكرنا الآن التردد في تزويج الثيب المجنونة البالغة على الاستقلال، والسبب فيه أن الثيابة وإن كانت لا تَقْصُرُ شفقة الأب؛ فإنها تحط ولايته وتُثبت للمرأة استقلالاً، إن كانت بالغة عاقلة، وتثبت لها وجوب انتظار استقلالها إن كانت صغيرة؛ فمن هذه الجهة قَصُرَت ولاية الأب مع كمال شفقته.

وهذا يبتني على قاعدة مهدناها في الأساليب. وهو: أن النكاح من الأمور [الجبلّية] (١) التي حقها أن يراجع فيها أصحاب الجبلات، فلا تُفوَّت حظوظهم [فيها] (٢) عليهم؛ فإذا كانت الثيب مجنونة، فلا استقلال لها ولا منتهى يُرْبَط به توقع استقلالها. وإذا كانت بالغة، فهي في مظنة الحاجة، وإن كانت صغيرة، فلا حاجة في الحالة الراهنة؛ فكان اختلاف الأصحاب في الثيب الصغيرة المجنونة لذلك.

وكنت أود لو استنبط مستنبط من الخلاف في تزويج الأب الثيب الصغيرة المجنونة خلافاً، في أنه هل يراعي حاجتها بعد البلوغ، ويزوجها للمصلحة؟ ولكن اتفق الأصحاب على أنه يزوجها للمصلحة. فليتأمل الناظر هذه الغوائل.

٧٩٤٦ - ومما ينبني على قاعدة الحاجة والمصلحة؛ القول في عدد الزوجات. قال الأصحاب: لا يزوج الأب من ابنه المجنون إلا زوجة واحدة، بناء على أن التزويج منه مبني على الحاجة، والحاجة [تنسدّ] (٣) بواحدة، فليس من النظر له تكثير المؤن عليه مع الاكتفاء بالواحدة. وظاهر المذهب أنه يزوج من ابنه الصغير المميز أربعاً (٤)، إن رأى ذلك صلاحاً؛ فإن التزويج من الصغير مبني على الصلاح، لا على الحاجة.


(١) في الأصل: الجليَّة.
(٢) في الأصل: فيما.
(٣) في الأصل: تنسل.
(٤) قال النووي: هو الأصح في الصورتين (السابق نفسه).