للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبواب الأنساب، [وأولى] (١) الصفات بالاعتبار العيوب والتبري منها، وليس منها للمتصفين بها اختيار.

وممَّا راعيناه في الباب التقوى والصلاح، والمعتبر فيه ما يقتضي التفسيق وما لا يقتضيه، ثم يعتبر ذلك نسباً، ويعتبر اتصاف الشخص به في نفسه. وإذا لم يكن تفسيق؛ فلا نظر إلى التفاضل في أسباب الصلاح؛ فإن سرها التقوى، ولا يطلع عليها إلا الله تعالى. وقد تكلمنا في اليسار ووجه الخلاف فيه.

٧٩٥٤ - فإذا تمهدت هذه الأصول، رجعنا بعدها إلى الكلام في تقابلها، والنظر في جبران بعضها ببعض، فأما العيوب؛ فقد ذكرنا أنها لا تقابل بفضيلة، فلا يزوج الرجل ابنته ممن به أحد العيوب المثبتة [للخيار] (٢)، على ما سيأتي شرحها في بابها، إن شاء الله عز وجل، وإن كان الموصوف بشيء منها أكملَ البرية عقلاً وفضلاً ونبلاً ونسباً (٣).

وكذلك لا يزوج ابنته من رقيق، وإن كان على فضائلَ جمة.

وأما شرف النسب؛ ففيه فضل نظر؛ إذ لا يعارض الانتسابُ إلى العلماء والصلحاء، الانتسابَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشجرته، والصالحون هم المرموقون بالصلاح المشهورون به، بحيث ينتصبون أعلاماً في التفرد ولا [يُنسَوْن] (٤) إلى تناسخ الدهر، فهؤلاء هم الذين يشرفون بالاعتزاء لهم. فأما الذين لا يبلغون هذا المبلغ، فلا تتأثر الأنساب بالانتماء إليهم. نعم، ما اعتبرناه في نفس الإنسان من رشاد وغيّ، وصلاح وفساد؛ فالمعتبر فيه التفسيق ونقيضُه، كما تقدم ذكره، حتى إذا


(١) في الأصل: وأول.
(٢) في الأصل: الحال.
(٣) هذا التفصيل بين خصال الكفاءة، انفرد به الإمام، وقد حكاه النووي، وقال مقتضى كلام الجمهور أن خصال الكفاءة لا يقابل بعضها ببعض، ثم إن النووي رضي الله عنه توسع في النقل عن إمام الحرمين فقال: "إنه يرى أن السلامة من العيوب والحرية والنسب لا تقابل بسائر الفضائل" والصحيح أن الإمام متردد في النسب قاطع بالأوليين فقط (ر. الروضة: ٧/ ٨٣).
(٤) في الأصل: ينتسبون.