للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى نظر الناظر إلى المفاضلة بين المستور وبين المذكور بالعدالة، [تبينا] (١) أن نظره خارج عن قاعدة الفصل، فلم نر قبل اليوم مراجعة [المزكّين] (٢) في تعديل من يعبتر خلافه في الكفاءة، وإنما اعتبرنا الاشتهار في جهة الانتساب، لما قدمنا ذكره من أن الإنسان يشرف محله وينبل قدره بان ينتسب إلى مرموق في التقوى والدين.

وهل تُجبر حطيطةٌ إن كانت في النسب بالصلاح الحاصل في الخاطب؟ هذا مما تردّد فيه الأئمة: فمنهم من رأى الجبر بذلك، وتعلق فيه بآثار منها: ما روي أن عبد الملك بن مروان خطب ابنةً لابن عمر، وأرسل إليه في مفاوضة بذلك رجلاً صالحاً من الموالي، فدخل المسجد، وصلى ركعتين، وأحسن أداء أركانها وبنيانها، ثم افتتح الخِطبة وأدى الرسالة، فقال ابن عمر: لا رغبة لي في عبد الملك، فإن أردتها لنفسك فخذها، فقد أحسنت أداء أمانة الله، ونظائر ذلك كثيرة.

وقد روي أن عمر بن الخطاب همّ أن يزوج ابنته سلمان الفارسي، فتداخل عبد الله من ذلك شيءٌ، على ما قدمنا ذكر ذلك. ثم الصلاح الذي يعارض النسب، صلاح ظاهر يثبت للموصوف به حكم التميز من الأضراب؛ إذ لو لم يكن كذلك، لما عارض نسباً معتبراً.

ومن أئمتنا من لم ير جبر النسب بالتفاوت في الصلاح؛ فإن النسب من [أصل] (٣) الكفاءة، حتى إذا ذكرت الكفاءة، لم تبتدر الأفهام إلا إلى الأنساب؛ ولهذا يثبت حق الاعتراض للمولَّيْن (٤) بالأنساب.

وأما الحرف الدنيئة ونقائضُها؛ فإنها تعارض الصلاح وفاقاً، ولا أثر لها في معارضة الأنساب إجماعاً بين الأصحاب؛ فإن الأمر فيها قريب، ومعتمدها عادةٌ محضة، حتى إذا اطّردت، دلّت ملابستها على سقوط النفس، وإلا فالكلام مفروض


(١) كلمة غير مقروءة في الأصل.
(٢) في الأصل: المركبين.
(٣) في الأصل: لفظاه. وفي الهامش كلمة (تأمل) إشارة إلى توقف الناسخ فيها.
(٤) المراد: الأولياء، أولياء المرأة في النكاح.