للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنته قهراً، ويحتمل فيها [خسة] (١) في نسب الخاطب، أو خصلة أخرى معتبرة.

ولو أراد أن يزوج من ابنه الطفل -وهو على شرفٍ من النسب، وكريم من الحسب- خسيسةً؛ فالذي صرح به الأئمة أن ذلك جائز؛ فإن الذي عليه التعويل في الباب العار والتنقي منه. والكريمة تتضع ويخس نسبها إذا تزوجها خسيس، ولا عار على الكريم بنكاح خسيسة؛ فإن المنكوحة مفترشة، في حكم المُهانة بالافتراش، فلا عيب على المفترِش من نقصانها (٢). نعم، ما ذكرناه في العيوب من باب الضِّرار، لا من باب العار.

وذكر شيخي أن من أصحابنا من اعتبر هذه الصفات من جانبها أيضاًً، ومنع أن يزوج الرجل خسيسة من ابنه الكريم واعتل بأن الإنسان قد يتعير بخسة خليله، وقد ينظر لأولاده إن كانوا، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم" (٣) وهذا يمكن توجيهه على حال، ولكنه بعيد في النقل. ولولا أني وجدت في نص الشافعي في تفريع الغرور بالنسب شاهداً على اعتبار النسب من الجانبين، كما سيأتي ذكر ذلك، لما عددت هذا من المذهب.

٧٩٥٦ - فإذا ظهر بما ذكرناه القواعد المرعيّة في الكفاءة، ابتدأنا بعد ذلك صنفاً من الكلام، وقلنا:

إذا زوج الرجل ابنته السليمة ممن به عيب من العيوب، فالأصح الذي كان يقطع به شيخي: أن النكاح باطل (٤)؛ فإنَّ تصرّف الأب في حق ولده الطفل مقيد بشرط النظر؛ وإذا كان تصرفه في ماله مردود بعلة الغبن، [فلأن] (٥) يُرَدَّ في نفسه على خلاف النظر أولى.


(١) في الأصل: حسبة.
(٢) قال النووي: هو الأصح (ر. الروضة: ٧/ ٨٥).
(٣) حديث: "تخيروا لنطفكم" رواه ابن ماجه والبيهقي والحاكم، وصححه الألباني، وتتمته: "فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" (ر. صحيح الجامع: ١/ ٥٦٤ رقم ٢٩٢٨).
(٤) وهذا هو المذهب. (ر. الروضة: ٧/ ٨٤).
(٥) في الأصل: فلا يرد.