للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر العراقيون وغيرهم من الأئمة قولاً آخر، أن التزويج يصح وينفذ، وفرضوا القولين في تزويج السليمة من المعيب، وإذا جرى القولان في ذلك، لم يشك الفقيه في جريانهما في سائر خصال الكفاءة.

أما وجه المنع؛ فلائح، وأما وجه التزويج، فالممكن فيه على خفائه، أن الغرض من التزويج أمور خفية لا تضبط، فليكن الأمر فيه موكولاً إلى الأب الشفيق، الذي هو من أهل النظر. وهذا مذهب أبي حنيفة.

ثم قال العراقيون: إن قلنا: لا يصح النكاح، وهو المذهب الأصح، فلا كلام.

وإن قلنا: يصح، فهل للأب أن يتلافى عقده، فيفسخَه، إذا كان زوّج ابنته السليمة من معيب؟ فعلى قولين، وكذلك إذا زوّج من ابنه الصغير السليم امرأة بها أحد العيوب، هذا ما ذكروه. [وللنظر في هذا مجال] (١)، فيجوز أن يقال: التردد في خيار الأب، فيه إذا فعل من غير علم منه بحقيقة الحال، فأما إذا أقدم على العقد عالماً بالعيب، فلا خيار له ولا مستدرك.

ويجوز أن يقال: له حق التلافي، وإن أنشأ العقد على علم، فإنه يتلافى (٢) لغيره، وإنما كنا نلزمه حكم علمه لو كان عاقداً لنفسه، فالتفريع على الأصل البعيد يحمل على النأي عن مدارك المذهب؛ فإن هذا يؤدي إلى ثبوت نكاح مع استمرار الخيار فيه، وما عندي أن ذلك يحتمل. فالوجه القطع بتخصيص حق التدارك بحالة الجهل، وإنما ردَّدت قولي في ذلك لفحوى كلام العراقيين.

٧٩٥٧ - ثم ما يتفرع على هذا، أنا إذا صححنا النكاح على خلاف النظر من الأب، فإذا بلغت المرأة، فهل لها حق الفسخ؟ اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: لا خيار لها، وعقد الأب يلزمها، ويلزمها الرضا بموجبه. وهذا مذهب أبي حنيفة (٣).


(١) في الأصل: والنظر في هذا محال.
(٢) في الأصل: لا يتلافى لغيره.
(٣) ر. الاختيار: ٣/ ٩٧.