للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالذي ذهب إليه جمهور الأصحاب أن السيد لا يكلَّفُ تسليمها إلى الزوج ليلاً ونهاراً، لتحترف عنده.

وحكى العراقيون عن أبي إسحاق المروزي أنه أوجب تسليم الأمة إلى زوجها، إذا كانت على الصفة التي ذكرناها، وزعم أنا لو فعلنا ذلك كنا جامعين بين حق الزوج وبين حق الولي، وذكر أصحابنا نظير ذلك في الرهن، فقالوا: إذا رهن المالك عبده، وكانت منفعته في حرفة، فهل يجب تسليمه دائماً إلى المرتهن، ليحترف في يده، أم للسيد أن يرده إلى يد نفسه، ليحترف في يده؟ فيه الخلاف الذي ذكره.

والذي ذكره أبو إسحاق فيه إذا أراد السيد المزوِّج حمل الجارية على الاحتراف؛ وأراد الراهن حمل العبد المرهون على الاكتساب بحرفته، فأما إذا أراد السيد أن يستخدمها في وجهٍ آخر، فلا يمنع منه. والذي ذكره الأصحاب في الرهن أوجَه مما ذكره أبو إسحاق في الزوجية؛ إذ لا خلاف أن الراهن لو أراد المسافرة بالعبد المرهون بحق انتفاعه (١)، لم يكن له ذلك، وللسيد المسافرة بالأمة المزوّجة. وذلك لمعنىً؛ وهو أن اليد ركنٌ في الرهن، ولا ينكره منصف؛ إذ الغرض من الرهن التوثق، وهذا المعنى إنما يحصل باختصاص المرتهن باليد في متعلّق الوثيقة، وليست اليد متأصلة في الزوجية أصلاً.

٧٩٦٨ - ومما يتم به غرض الفصل؛ أنا قدمنا أن السيد لو كان لا يسلم الأمة في مدة الفراغ من العمل، ويقول للزوج: أُمَوِّلُك (٢) موضعاً من داري، فاستَخْلِ بها فيه، واستوف حقك منها، وأبى الزوج إلا أن تسلّم إليه في نوبة الفراغ، فمَن المجاب [منهما] (٣)؛ فيه اختلافٌ قدمته. وهذا يشير إلى أن حق السيد يبقى في اليد، وإن انتجز حقه في الانتفاع. والذي ذكرناه الآن يشير إلى تسليم الجارية في نوبة العمل، حتى تحترف في يد الزوج، وهذا يتضمن طرد اليد للزوج في زمن الانتفاع أيضاًً.

وإن أردنا الجمع بين الطرق، كان الوجه فيه أن نقول: اختلف الأصحاب في


(١) أي بسبب حقه في الانتفاع.
(٢) أُموِّلك: من قولهم: مالَ فلاناً: أعطاه المال. (معجم).
(٣) في الأصل: منها.