للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ماتت حتف أنفها، أو قتلها أجنبي قبل التسليم (١ فإن عللنا بالعلة الأولى ١)، فيسقط المهر، وإن قيّدنا بصدور التفويت من المستحق، فالمهر لا يسقط في هذه الصورة.

فأما الحرة المنكوحة إذا ماتت أو قتلها أجنبي؛ فيستقر مهرها وفاقاً؛ وذلك أنها كالمسلّمة بنفس العقد، بخلاف الأمة، ولم يصدر منها انتساب إلى التفويت.

فأما إذا قتلت الحرة نفسها قبل التسليم؛ ففي سقوط مهرها حينئذ وجهان، من جهة انتسابها إلى التفويت. هذا هو الترتيب المشهور.

وفي أصل المسألة قول آخر، وهو: أن الأمة وإن قتلها سيدها، لم يسقط مهرها، وهذا وإن كان مخالفاً للنص، فهو قول منقاس، جارٍ على موجب نكاح يقبله المحقِّقون، ولم يرَوْا بين الحرة والأمة فصلاً.

٧٩٨٦ - وقد حان أن نذكر حقيقة الفصل، فنقول: القياس الكلي الجاري على القواعد، أن فوات المستَمتَع من المنكوحة يتضمن سقوطَ المهر كيف فُرض الفوات.

وهذا تستوي فيه الحرة والأمة، قياساً على فوات المبيع قبل القبض، وقياساً على انعدام الدار (٢) قبل مضي المدة المضروبة.

ولكن اتفق المسلمون على أن النكاح في الحرة ينتهي نهايتَه بموتها، ولهذا يتعلق به الميراث. وهذا القياس يوجب الحكم بقرار المهر، ولا نظر إلى صورة الاستمتاع بعد ما ذكرناه من تصرّم العمر، وهو منتهى النكاح، وليس في النكاح ماليّة معتبرة في جانب المنكوحة، حتى يفرض فوات، وهذا في حكم النكاح يحتكم على العلة الكلية؛ فإن ما ينشأ من خاصية العقد، أولى بالاعتبار، فهذا هو المعنيّ بقول الأصحاب: الحرة المنكوحة مسلَّمة بنفس العقد. وليس للحرة (٣) بهذا حقيقة التسليم؛ فإن لها أن تمنع نفسها حتى يتوفر عليها صداقها، كما يحبس البائع المبيع -


(١) ما بين القوسين ساقط من ت ٣.
(٢) أي الدار المؤجرة.
(٣) ت ٣: للمرأة. ولعل الصواب: وليس المراد بهذا حقيقة التسليم.