للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما تثبت أمية الولد إذا ثبت نسب الولد؛ فإن أم ولد الإنسان منسوبة إلى ولده المنسوب إليه، فإذا لم يُثبت الشرع له ولداً، فكيف تثبت أمية الولد؟ وهذا مسلك لا ينساغ اعتقاد خلافه.

وارتاع بعض الأصحاب من ذلك، وعظم عنده أن يطأ (١) الرجل مملوكته، وتحبل منه، ولا تصير أم ولد! فقال: إن أوجبنا الحد، [فلنثبت] (٢) النسب، ثم إذا ثبت النسب ترتب عليه أمية الولد، ثم طرد بعض المصنفين ثبوت الاستيلاد مع وجوب الحد في الأب إذا وطىء جارية ابنه الموطوءة.

ومن نفى الاستيلاد؛ فإنه يلقى في جريانه مسلكاً وعراً، وتلقاه مسألة لا يجترىء على طرد نفي الاستيلاد فيها إلا جسور، وهي: أن الجارية المشتركة إذا أحبلها أحد الشريكين؛ فقد أطلق الأئمة أقوالهم بأن الاستيلاد يثبت في حصته، وتردَّدوا في إثباته في حصة الشريك عاجلاً، ولم يختلفوا في أنه يسري إلى حصة الشريك، وإنما ترددهم في وقت النفوذ والسريان.

وقد ذكرنا أن الحد يجب في القديم على من يطأ الجارية المشتركة بينه وبين شريكه، ونحن بعون الله وتوفيقه نذكر تحقيق القول في ذلك.

٨٠٠٦ - فأما الجارية المشتركة؛ فيجوز أن يقال فيها: الوطء يصادف ملك الواطىء وملك شريكه، وينزل عليهما جميعاً، فلا يتمحض تحريمه، ولكن لا يتأتى تبعيضه، فنطلق تحريمه على معنى النهي عن الإقدام عليه؛ من جهة أن من ضرورة الاستمتاع [بملك] (٣) الواطىء مصادفته ملك غيره، فكان ذلك مشبَّهاً بطعام جاورته نجاسة أو سم، فالطعام ليس محرماً، ولكن لا يجوز الإقدام على تناوله؛ من جهة أنه لا يتأتى تعاطي شيء منه إلا مع جزء مما هو محرم، وقد ينفصل وطء المشتركة عن هذا، بأن الطعام والسم متجاوران، ولنا أن نقول: من أكله فقد أكل حلالاً وحراماً، ولا يتأتى مثل ذلك في الملك الشائع.


(١) ت ٣: يطالب.
(٢) في النسختين: فانثبت.
(٣) في النسختين: ملك.