للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيخرج بعد هذا التنبيه أنا لو لم نُجر القول القديم في الحد في الجارية المشتركة، لكان متجهاً؛ فإذا لم يجب الحد، اتّسق وانتظم ثبوت [التسبّب] (١) إلى المنع من المحرم المحض، ويكون هذا بمثابة إتيان مالك الغلام مملوكَه، فالحد يجب؛ فلا أثر للملك. وكذلك لو شرب الرجل الخمر التي لا تراق -وهي خمر الخلّ- حُدّ. وإن كان له حق الاختصاص بها؛ فعلى هذا يتميز الحد في حكمه ومجراه عن قياس النسب والاستيلاد.

فينتظم مما ذكرناه أن الوجه القطعُ بثبوت الاستيلاد في الجارية المشتركة، ثم يخرّج هذا على تقديرين: أحدهما - نفي الحد، وإن فرّعنا على القديم.

والثاني - تمييز مسلك الحدّ عن مسلك الاستيلاد، ومهما (٢) حكمنا بالاستيلاد في البعض أو الكل، فمن ضرورته الحكم بالنسب. هذا ما لا بد منه.

وأما إحبال الرجل أختَه المملوكة؛ فقول الحد فيها منصوص، لا يمكن إنكاره، فلا تردد في الحد على القديم، ويبقى التردد في الاستيلاد، وثبوت النسب. وهذه الصورة قابلة للاحتمال، بخلاف الجارية المشتركة؛ فإن الأخوة قائمة لازمة لا تحول ولا تزول؛ فلا يمكن تقدير انفصالها عن الملك، ولكن قد يتجه إثبات النسب وأمية الولد بسبب الملك، مع إثبات الحد وصرفه إلى التحريم المطلق، كما ذكرناه في إتيان الغلام المملوك وتعاطي الخمرة المحرّمة.

فأما وطء الأب جارية الابن - إذا أوجبنا عليه الحد، فالظاهر: أنه لا يثبت الاستيلاد؛ فإنه ليس بين الأب والابن إلا حرمة قائمة، فإذا أوجبنا الحد، زالت، ثم لا نجد أصلاً نحيل عليه أمية الولد.

٨٠٠٧ - فانتظم مما ذكرناه ثلانة منازل: المنزلة الأولى - في الجارية المشتركة، والقطع فيها بثبوت الاستيلاد، ووجوب الحد على قياس القول القديم متردد، كما نبهت عليه.


(١) في الأصل: النسب، والمثبت من (ت ٣).
(٢) "مهما" بمعنى (إذا).