للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن زيد بن ثابت (١) أن الأم إن ماتت قبل الدخول، حرمت عليه الربيبة. فأقام الموت فيه مقام الدخول، كما [يقام] (٢) مقامه في تكميل المهر.

وقال مالك (٣): "الربيبة إنما تحرم، إذا كانت صغيرة يوم التزوج بالأم، فتحصل في حجره وتكفُّله"، وإنما صار إلى ذلك لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣].

وحكم بأنها لو كانت كبيرة يوم النكاح، لم تحرم. [ورأى الشافعي] (٤) حمل هذا التقييد على الغالب في الوجود والعادة، كما حمل قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه} [البقرة: ٢٢٩] على التقييد بمجرى العادة، وصحح الخلع إذا اتفق جريانه من غير منازعة.

وقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُم} [النساء: ٢٣] لا يتضمن


(١) أخرج أثر زيد بن ثابت ابن أبي شيبة في مصنفه: ٤/ ١٧١، ١٧٢ ولكن بلفظ أنه كان لا يرى بأساً إذا طلق الرجل المرأة أن يتزوج أمها، ويكرهها إذا ماتت عنده (قلتُ: أي قبل الدخول. وانظر التلخيص: ٣/ ٣٤٣ ح ١٦٣٢).
(٢) في النسختين: يقدم.
(٣) لما أصل إلى قول مالك هذا، بل العجب أني وجدت النص على خلافه، وأوضح ما رأيناه في كتاب القاضي عبد الوهاب (الإشراف على نكت مسائل الخلاف: ٢/ ٧٠٢ مسألة رقم ١٢٦٢) حيث نص على تحريم الربيبة، وعلى أنه لا اعتبار (للحجر) وأنه لا تأثير له في التحليل والتحريم. ثم هذا الكتاب من كتب الخلاف التي تعنى بما خالف فيه المذهبُ غيره، وتدفع عن المذهب وتقرره. وقد جعل القاضي عبد الوهاب هذه المسألة في خلاف داود وحده، فهي إذاً موضع اتفاق بين المذاهب، وكذلك نص ابن جزي في (القوانين الفقهية: ٢١٠) على حرمتها سواء كانت في حجره أو في غير حجره، خلافاً لداود، فهل اطلع إمام الحرمين على ما لم نصل إليه مما روي عن مالك؟ أم أن في العبارة التي بين أيدينا تحريفاً ووهماً صوابها: "قال داود".
هذا وقد حكى الرافعي في (الشرح الكبير: ٨/ ٣٥) خلاف مالك على نحو ما حكاه إمام الحرمين، فهل تبع فيه الإمام؟ أم اطلع عليه من مذهب مالك؟ الله أعلم.
(٤) في النسختين: "لما رأى الشافعي" وفيها تصحيف لا شك، والمثبت قراءة ابن أبي عصرون في (صفوة المذهب).