للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن (١) عصمة، إلا بالتزام الإسلام، وهو موجب قولنا في الفصل السابق؛ إذ قلنا: من تهوّد بعد مبعث المصطفى، لم يناكَح، ولم تحلّ ذبيحته، وكما لا يستفيد كما ذكرناه الآن، لا يستفيد التقريرَ بالجزية على ما اختاره. هذا متفق عليه بين الأصحاب (٢).

٨٠٥٧ - ولو تهوّد النصرانى، أو تنصّر اليهوديّ؛ ففي المسألة قولان مشهوران:

أحدهما - إنه يُقرّ على الدين الذي انتقل إليه.

والثاني - إنه لا يُقر عليه (٣).

توجيه القولين: من قال: لا يقرّ المنتقل على الدين الذي انتقل إليه، احتج بأن هذا استحداث دين بعد ابتعاث محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يقبل، وحكم رده ألا يقر عليه بوجهٍ.

ومن قال: إنه يقر، احتج بأن التنصّر والتهوّد جميعاً باطلان، وهما في جميع الأحكام متساويان في ديننا؛ فلا أثر للانتقال بعد استواء الدينين في المقتضى، وإنما نُنْكِر استفادة عصمةٍ لم تكن، كما لو تهوّد وثني، وهذا المعنى غير متحقق في تهوّد النصراني وتنصّر اليهودي.

التفريع على القولين:

٨٠٥٨ - إن حكمنا بأنه يقر على ما انتقل إليه، فنجعل الذي تنصّر وكان يهودياً، كمن لم يزل نصرانيّاً، وكذلك عكسه، وحظ النكاح منه أن هذه تنكح، ولو تنصرت يهودية تحت مسلم، فلا أثر لما جرى منها.

٨٠٥٩ - وإن قلنا: لا يقر المنتقل على دينه الذي انتقل إليه، فماذا يُصنع به؟ القول في ذلك يتعلق بفصلين: أحدهما - في بيان ما يطالب به، وفيه قولان: أحدهما - أنه


(١) ت ٣: الفرقان.
(٢) الروضة: ٧/ ١٤١.
(٣) قال النووي: الأصح أنه لا يقبل منه إلا الإسلام. (ر. الروضة: ٧/ ١٤٠).