للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا نقنع منه بشيء غير الإسلام؛ فإنه بدّل (١) ما كان عليه، ولسنا نُقره على ما انتقل إليه، فلا عاصم إلا الإسلام، وهذا أصح (٢) القولين.

والقول الثاني - إنه لو عاد إلى الدين الذي كان عليه، أزلنا الاعتراض عنه، ونجعل كأن الانتقال الذي جرى منه لم يكن أصلاً.

والتعبير عن هذا القول يحتاج إلى تأنق، فلا ينبغي أن يقال: هو مطالب بالإسلام أو العود إلى التهوّد؛ فإن طلبَ الكفر كفر، ولكن الوجه أن يقال: هو غير [مُقرّ] (٣) على التنصّر الذي انتقل إليه، ونطالبه بالإسلام، فإن عاد إلى التهود، فهل نكف عنه؟ فعلى قولين كما تقدم ذكرهما، وليس [للانكفاف] (٤) عنه إذا عاد إلى ما كان عليه وجه عندي؛ فإن ذلك الدين زال بتركه إياه، فعوده إليه انتقال منه إليه، ولو كنا نقرر على دين منتقل إليه، [لقررناه] (٥) على التنصر، هذا ما تسقط به الطَّلِبة، فإن وُفق وتمسك بالإسلام، أو بما يقطع الطلبة عنه، فذاك، وإن أبى إلا الإصرار على ما انتقل إليه، ففي المسألة قولان: أحدهما -أنا نغتاله- إذا تبين إباؤه، ونقتله قتل المرتد، [ونقطع العصمة] (٦) عن دمه وماله وذريته؛ لأنه كان على عصمة، فأبطلها؛ فهو كافر، لا عصمة له.

والقول الثاني - إنه لا يُغتال، ويبلّغ مأمنه (٧)؛ فإنه كان على عهدٍ فينا، فصار كذمّيّ ينقض عهده، ويبغي اللحوق بدار الحرب.

وللقائل الأول أن ينفصل عن هذا، ويقول: الذمّي إذا أراد الالتحاق بدار الحرب لم نمنعه منه، وإذا تهوّد النصراني، فهو ممنوع عن انتقاله هذا، وهذا يناظر ما لو نقض الذمّي العهد بجناية على الإسلام، فإنا قد نقول: إنه يُقتل، كما سيأتي شرح


(١) ت ٣: ترك.
(٢) الأمر كما قال إمامنا (ر. الروضة: ٧/ ١٤٠).
(٣) في الأصل: مفسر.
(٤) في النسختين: الانكفاف.
(٥) في النسختين: لقررنا.
(٦) في النسختين: وقطع عصمة.
(٧) هذا هو الأشبه، قاله النووي (السابق نفسه).