للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يتعلق بأطراف الكلام (١) اجتناب (٢) التسبب إلى إرقاق المولود، فإن ولد الحر من زوجته الرقيقة رقيق، وولده من الحرة الكتابية كولده من الحرة المسلمة (٣)، ونقص دين الكتابية لا يلحق المولود.

والوجه الثاني -وهو الأليق بقاعدة المذهب- أنه ينكِحُ أَمة إذا لم يجد طوْل حرة مسلمة، وإن وجد طوْل كتابية، فإن المعتمد في القاعدة تنزيل نكاح الإماء منزلة الرخص، واتخاذ مواقع النص في الكتاب قدوة النفي والإثبات، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَات} [النساء: ٢٥] فقيّد بالإيمان، فدل التخصيص به على الحكم في الكوافر بخلاف ذلك (٤)، وقد يشهد لهذا قوله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} [البقرة: ٢٢١].

وقد أرسل الأصحاب مسائل هذا الفصل، ونحن نأتي بها على وجوهها، ثم ننعطف على مواقع النظر فيها.

٨٠٦٤ - فمما ذكروه (٥) أن القادر على أن يشتري أمة ويتسراها، لا يجوز له أن ينكح أمة. هذا ما قطع به الجماهير، وفي بعض التصانيف أن المذهب هذا (٦).

وفيه وجه آخر أن له أن ينكح أمة؛ فإن التسرّي لا يسد مسد النكاح، ولذلك لا يثبت لهن حق في القَسْم، فكأنهن مخرجات من الاعتبار، ومن كان تحته حرة، أو


(١) في النسختين: بأطراف الكلام به.
(٢) ت ٣: احتساب.
(٣) كولده من الحرة المسلمة: أي في الحرية.
(٤) يرى الإمام أن التقييد بالإيمان على وجهه، وليس جرياً على الغالب، كما رآه النووي، ولذا يرى أن الجري على قواعد المذهب يجعل له أن ينكح أمة مع القدرة على الحرة الكتابية، على حين يرى أن "الأقرب إلى طريق المعنى أنه لا ينكح الأمة إذا وجد الحرة الكتابية". وانظر الروضة: ٧/ ١٢٩.
(٥) عبارة النسختين: فمما ذكروه على أن القادر على أن ...
(٦) المذهب -حقاً- كما قال النووي: أن من قدر على التسرّي لا ينكح الأمة. (ر. الروضة: ٧/ ١٣١).