للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببذل هذا المقدار في مهر الحرة مع وفاء القدرة والثروة.

فإن كان ما تطلبه الحرة [المغاليةُ] (١) خطيراً بحيث يعدّ بذله سرفاً، فلا يحال على إمكان غرضٍ [يعدل] (٢) المبذول، فإذا انتهت المغالاة إلى هذا الحد، فالوجه تجويز نكاح الأمة، وإن وفت ذات اليد بإجابة المغالية.

وينشأ مما نحن فيه أمر كثير الوقوع في الوقائع: فالأب إذا زوّج ابنته بدون مهر مثلها، فالذي أطلقه الأصحاب أنه يثبت مهر مثلها كَمَلاً بالعقد، وليس يبعد عن الاحتمال عندنا أن يُحتمل الحط القريب إذا أمكن حمله على رعاية غرض.

وكذلك إذا زوّج من ابنه امرأة بأكثر من مهر مثلها، وكان لا يبعد حمل ذلك الزائد، فلا يمتنع الحكم بثبوته.

ولست قاطعاً بما ذكرته من جهة النقل، ولكنه احتمال بيّن. وكيف يمتنع خروجه على المذهب، وقد نقلنا قولاً أن الأب إذا زوّج ابنته ممن لا يكافئها، فنقضي بلزوم تزويجه؟ وهذا أبعد من حطيطة قريبة في المهر.

فإذا تمهد هذا عدنا إلى بيان المشقة التي أبهمها الأصحاب عند الحاجة إلى السفر إلى الحرة، فنقول: حقها أن تعتبر بالزائد في المهر. والتقريبُ فيه: أن المشقة إذا كانت بحيث لا ينتسب محتملها إلى مجاوزة الحد في طلب زوجة، فهي محتملة.

وإن طالت الشُّقة، وعظمت المشقة، وكان مثلها لا يحتمل في طلب حرة، فهذه المشقة معتبرة، وهذا يحتاج (٣) إلى مزيد نظر، وهو: أن من يبغي حرة بمبلغ زائد على مهر المثل، فتلك الزيادة تقابل بغرض مطلوب. وفي مسألة الحرة والأمة غرض مطلوب مع إضرار يلحق الولد، وهذا يشعر باشتراط مزيد في ترتيب هذا التقريب.

فهذا منتهى الإمكان.

وما نحن فيه ينقسم إلى ما يتم فيه [انحسام] (٤) النظر، وإلى ما يُبقي فيه لنا


(١) زيادة من (ت ٣).
(٢) في النسختين: "بعد".
(٣) سقطت من (ت ٣).
(٤) في النسختين: انقسام. والمثبت تقدير منا.