للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدنه، ويمكنه أن يتماسك في المدة التي يقطع في مثلها تلك المسافة، غير أنه يتضرر في بدنه؛ فهذا محل التأمل. فلا مطمع في ربط هذا بالسفر الذي يتوفر عليه الرخص، حتى يقال: إذا كان يحتاج إلى قطع مسافة القصر، لم نكلفه ذلك؛ مصيراً إلى أن السفر مظنة المشاق فيه؛ ولذلك تعلقت الرخص بها جمعاً وقصراً وإفطاراً؛ فإن معنى المشقة ليس معتبراً في الرُخص في تفصيل المسائل.

وإنما نذكر [هنا] (١) معنىً كلياً، والمعاني المعتبرة فيما (٢) نحن فيه مرعيّة في آحاد الأشخاص، وحق الفقيه أن يفرق بين ما يعتبر فيه صفة كل شخص، والأمر مبني على انقسام الأشخاص لاختلاف صفاتهم، وبين معنى كلي لم يلتفت فيه على الأشخاص، فعين السفر لا نعتبره، بل نعتبر ما ينال كلَّ شخص من المشقة، وذلك يتفاوت تفاوتاً بيّناً.

٨٠٧٣ - فإذا وضح هذا، رجع النظر إلى المشقة المعتبرة، وتقريب القول فيها.

والغرض لا يبين منه إلا بتقديم أصل عليه، مقصودٍ في نفسه؛ فنقول: إذا كان الرجل ذا يسار وثروة، وكانت ذات يده وافية، ولكن كانت الحرة تغالي بمهرها، ولا ترضى بمهر مثلها؛ فهل يجوز نكاح الأمة بسبب مسيس الحاجة إلى بذل مزيد في مهر المثل؟ [وقد] (٣) تمهد في باب التيمم أن الماء إذا كان يباع بوكيسة (٤) درهم فأقل؛ فيجوز الانتقال إلى التيمم. ولا ينبغي أن ينظر الناظر إلى هذا الأصل، ويُنزل الأمة مع الحرة منزلة التراب مع الماء، والسبب فيه أن الغرض الأظهر من النكاح المستمتَع [و] (٥) المواصلة؛ ولا يعد مَنْ بذل أدنى مزيد على مهر المثل مغبوناً، بل قد يحتمل هذا لأغراض في مقابلته؛ فإذا وفت الثروة، فكان المقدار الزائد على مهر المثل بحيث يعدّ [باذله متكرّماً] (٦)، ويحمل على الأغراض الصحيحة؛ فلا يسوغ نكاح الأمة


(١) في النسختين: هذا. والمثبت تقدير منا.
(٢) ت ٣: في أمثال ما نحن فيه.
(٣) في النسختين: فقد.
(٤) بوكيسة درهم: أي بغبينة درهم، فمن معاني الوكس الغبن، وهو المراد هنا (المعجم).
(٥) زيادة من المحقق.
(٦) في النسختين: نازلة تكرّماً.