للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهوة. وإن كان يخاف الوقاع في السفاح، [فوقْعُ] (١) هذا المخوف عظيم، والإيلاد ليس مستيقناً، فأثبت الشرع نكاح الإماء مع ما فيه من الإفضاء إلى إرقاق الأولاد.

هذا وجه.

ويجوز أن يقال: إذا كان ترك الوقاع يجرّ ضرراً، وقد يجلب مرضاً، فيسوغ نكاح الإماء، وإن كان الغالب على الظن عدمُ الوقوع في السفاح، والعنت في حقيقة اللغة هو المشقة، وهو كناية في الزنا.

وإن لم يكن خوفُ مرض ولا خشية بالوقوع في الزنا؛ فمحض التوقان وغلبة الشهوة لا يسلط على نكاح الإماء، لما فيه من [التسبب] (٢) إلى إرقاق الأولاد.

وما ذكرناه من خوف الزنا؛ لم نعن به غلبة الظن في وقوعه، بل المعنيُّ به توقع وقوعه، لا على سبيل الندور، والشهوة إذا اغتلمت [غلاّبة] (٣) للعقل، والذي لا نصفه بالخوف لا نبغي تقدير العصمة فيه على علم، ولكن غلبة الظن بالتقوى والانكفاف ينافي الخوف، وغلبة الظن ليست شرطاً في تحقيق الخوف من الوقوع في الزنا.

وهذا يتضح بضرب مثال: فإذا غلب الأمن في بعض الطرق، وُصف به، وإن كنا لا نقطع به، وإن كان وقوع المحذور يعارض السلامة، فهذا يعدّ مخوفاً، وإن كان لا يغلب على الظن الخوفُ. فهذا وجه البحث عن خوف العنت.

٨٠٧٢ - ومما يجب البحث عنه ما أجريناه في أثناء المسألة في تصوير غيبة الحرة المطلوبة المخطوبة، فإن الذي ذكره الأصحاب فيه أنه إن كان يناله مشقة، فلا نكلفه السفر، ويجوز له أن ينكح الأمة، وهذه المشقة مبهمة، ونحن نقول فيها: إن كان يخاف الوقوع في السفاح في المدة التي يقطع فيها المسافة؛ فينكح ناجزاً. وإن كان لا يخاف ذلك -على ما مضى تفصيل الخوف نفياً وإثباتاً- ولكن كان يناله مشقة في


(١) في النسختين: فموقع.
(٢) في النسختين: السبب.
(٣) في النسختين: علامة العقل.