للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصح في الحرة (١)، وهو القياس؛ لأن الفساد إن اعتقد مجيئه من جهالة الصداق، فهو محال؛ فإن النكاح لا تفسده جهالة الصداق، وإن قدّر مقدِّر الفساد من الجمع في لفظ واحد بين ما يفسد ويصح، فهذا غير صحيح؛ فإن العقد ينعقد بمعنى اللفظ لا بصورة اللفظ، والحرة متميزة في معنى اللفظ عن الأمة.

وعبّر المزني عن هذا، فقال: نكاح الحرة قائم بنفسه، أراد أنه لا تعلق له بنكاح الأمة؛ فإذا [قام] (٢) بنفسه، لم يفسد بفساد غيره، وآية هذا: أن النكاح لا تفسده الشروط الفاسدة، على ما سيأتي تفصيلها في بابها، إن شاء الله عز وجل؛ وأثر الجمع في اللفظ دون أثر الشرط؛ فإن الشرط متعلق بالمشروط، ولا تعلق للشيء بما ينضم إليه ذكراً.

والقول الثاني - إن النكاح يفسد في الأمة والحرة جميعاً؛ لأن العبارة عنهما جميعاً واحدة؛ والمعنى لا يتأدى إلا بالعبارة، والعبارة الشاملة لو أسقطت بعضها لم يستقل الباقي، ففساد بعضها كسقوط بعضها. وهذا [خيال] (٣).

والأصح: القول الأول. والوجه (٤) عندي القطع بما قطع به في القديم؛ لما ذكرناه في توجيهه.

ويتجه حمل قول الشافعي: "وقيل" على حكاية مذهب [الغير] (٥)؛ إذ لا يليق بمسلكه في الجديد ترديد القول في صحة النكاح في الحرة مع قيامه بنفسه، كما تقدم تقريره.

هذا إذا جمع بين الحرة والأمة، وهو ممّن لا يجوز له نكاح الأمة.


(١) قال الرافعي هذا الوجه هو الأصح، وقال النووي هو: الأظهر. (الشرح الكبير: ٨/ ١٣، والروضة: ٧/ ١٣٣).
(٢) في النسختين: أقام.
(٣) في النسختين: احتيال (بالمهملة) ولعل ما أثبتناه هو الصواب، فهو الأشبه بلغة الإمام.
(٤) ت ٣: والأوجه.
(٥) زيادة من (ت ٣).