للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٠٧٨ - فإن رضيت الحرة بمهر أمة، وقلنا: يجوز له نكاح أمة، فهذا (١) حر يتأتى منه الإقدام على نكاح الحرة ويحل له نكاح الأمة.

فإذا جمع بينهما، فلا شك أن النكاح لا ينعقد على الأمة؛ إذ لو انعقد النكاح عليها، لا نعقد على الحرة؛ ثم هذا يؤدي إلى الحكم بانعقاد [نكاح] (٢) الأمة مع ثبوت نكاح الحرة. ولو جاز هذا، لجاز إدخال الأمة على الحرة.

فإذا بان أن النكاح لا ينعقد على الأمة، فهل ينعقد على الحرة؟ ذكر أصحابنا طريقين: منهم من قطع القول بفساد النكاح على الحرة؛ لأن الجمع بينهما غير [سائغ] (٣) والإقدام على نكاح كل واحدة منهما جائز، وكأن الجمع بينهما بمثابة الجمع بين الأختين.

وهذه الطريقة مزيفة؛ فإنا إنما نحكم بإبطال نكاح الأختين؛ إذ ليست إحداهما أولى من الأخرى، والجمع غير ممكن. والحرة إذا جمعت مع الأمة، فهي ممتازة عن الأمة، بدليل أن الحرة تنكح على الأمة، والأمة لا تنكح على الحرة.

ومن أصحابنا من أجرى في صحة نكاح الحرة قولين، ورتبهما على القولين في الصورة الأولى.

والأصح (٤) عندنا: القطع بانعقاد النكاح على الحرة في الصورتين.


(١) ت ٣: فهو.
(٢) زيادة من (ت ٣).
(٣) في النسختين: ضائع.
(٤) لم يرجح الرافعي والنووي -شيخا المذهب- بين الطريقين، ولا بين القولين، فقد قال الرافعي: "وفي نكاح الحرة طريقان: أظهرهما عند الإمام، وبه قال صاحب التلخيص أنه على قولين كما في القسم الأول.
وقال ابن الحداد، وأبو زيد، وآخرون: يبطل جزماً؛ لأنه جمع بين امرأتين لا يجوز له الجمع بينهما، ويجوز له نكاح كل واحدة منهما وحدها، فيبطل النكاحان، كما لو جمع بين الأختين". (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٦٣، ٦٤).
وقال النووي: وفي الحرة طريقان: أظهرهما عند الإمام وبه قال صاحب التلخيص أنه على القولين. وقال ابن الحداد، وأبو زيد وآخرون: يبطل قطعاً ... إلخ (ر. الروضة: ٧/ ١٣٤).