للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خمراً على ذمي، ثم اقتضى المذهب إلحاق ما يصح على شرط الإسلام في الشرك بما يفسد على شرط الإسلام، كما تقدم شرحه.

فتبين أن الشافعي لم يبن قواعده في الباب على قياس مذهبه في الأصول، ولكن صادف أخباراً صحيحة ونصوصاً صريحة لم يعتقد تطرق التأويل إليها، فترك القياس لها.

وفي السواد (١) ذكر مناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن. وقد احتج الشافعي بالأخبار، واستاق احتجاجَه بها أحسنَ استياق، وقال: لما لم يسال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن العقد، كان عفواً له [لفَوْته] (٢)، كما حكّم الله رسولَه صلى الله عليه وسلم [بعفو الربا إذا] فات بقبضه. فقال محمد بن الحسن: ما علمتُ أحدا احتج بأحسنَ مما احتججت به، ولقد خالفتُ أصحابي فيه منذ زمان، وما ينبغي أن يدخل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم القياسُ.

[فبان] (٣) من فحوى كلامهما تَرْكُ القياس واتباعُ الخبر، وأشعر كلام الشافعي مُضاهاة هذا الباب أبوابَ العفو والصفح تحقيقاً ورخصة، فهذا ما أردت التنبيهَ عليه في عقد الباب.

٨٠٩٣ - ثم لا أثر عندنا في شيء مما ذكرناه لاختلاف الدار، فإذا أسلم أحد الزوجين، والدار جامعة لهما، أو اختلف بهما الدار، فالحكم لا يختلف عندنا.

والذي عليه التعويل ما قدمناه من الفرق بين ما قبل المسيس وبعده، وأبو حنيفة (٤) يعتمد اختلاف الدار، ويجعله بمجرده قاطعاً للنكاح، ويقول: إذا تعلقت الكافرة بدار [الكفر] (٥) مصرة على كفرها، انقطع النكاح بينها وبين زوجها بنفس اختلاف الدار.

وكذلك إذا تعلق الزوج بدار الإسلام وسكنها.


(١) السواد: هو مختصر المزني، والمناظرة في الجزء ٣ ص ٢٩٢.
(٢) في النسختين: "لقوته، كما حكّم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعفو الربا إذا فات بقبضه" والتصحيح من مختصر المزني: ٣/ ٢٩٢.
(٣) في النسختين: "فإن" والمثبت تقدير من المحقق.
(٤) ر. رؤوس المسائل: ٣٩٠، مسألة ٢٦٨، الاختيار: ٣/ ١١٣.
(٥) في النسختين: الإسلام، والمثبت تقدير منا.