٢٩٠ - ولو كان معه بهيمة هي عُدّته، ولو لم يسقها، عطبت، وانقطع هو، سقاها، وتيمّم.
ولو كان لا ينقطع بموتها عن سفره، ولكن البهيمة كانت تموت، فلرعاية حرمة الروح المحترمة يسقيها ويتيمم أم يتوضأ؟ فإن حرمة البهائم لا تبلغ مبلغ حرمة الآدميين - كان شيخي يقطع بأنه يسقيها ويتيمّم. والله أعلم.
٢٩١ - ولو كان معه ما غيرُ مستغرَقٍ لحاجةٍ حاقَّةٍ، ولا متوقّعة، فصبّه هزلاً، نُظر: فإن كان ذلك قبل دخول وقت الصلاة، فإذا دخل وتيمّم، لم تلزمه إعادة الصلاة؛ فإنه صب الماء في وقت، كان لا يجب فيه الوضوء.
وإن صبّ الماء بعد دخول الوقت، فقد تعدّى وعصى، ولكنه يتيمّم، ويصلي، وهل يلزمه قضاءُ الصلاة؟ فعلى وجهين: أصحهما - أنه لا يجب؛ فإنه وإن عصى بما فعل، فلقد تيمّم، وهو فاقدٌ للماء حال التيمّم.
والوجه الثاني - أنه يلزمه القضاء لانتسابه إلى المعصية في سبب التيمم، والرخص لا تناط بالمعاصي، ولذلك لا يترخص العاصي بسفره برخص المسافرين.
وهذان الوجهان يقربان من مأخذ مسائلَ ستأتي (١) في الصلاة. منها أن يُرْدي الرجلُ نفسَه من شاهقٍ، فتنخلع قدماه، ويصلي قاعداً، فإذا برىء، ففي إيجاب القضاء خلافٌ، والأصح أنه لا يجب.
فإن قلنا: لا يجب القضاء على من صبّ ماءه، فلا كلام. وإن قلنا: يجب القضاء، فقد ذكر الأئمة وجهين: أحدهما - أنه لا يقضي إلا صلاةً واحدة. والثاني - يقضي أغلب ما كان يؤديه بوضوءٍ واحد في اعتدال حاله، ووسط أمره.
وهذا عندي في حكم الغفلة؛ فإنا قدّمنا أن من صبّ الماء قبل دخول الوقت، ثم تيمّم بعد دخول الوقت، لم يلزمه القضاء وجهاً واحداً. وإذا صب الماء في وقت الظهر، فكيف يجب قضاء العصر، والصب مقدم على دخول وقتها.