للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ملكهن الانفراد بأنفسهن من غير مراجعة إلى الباقيات.

وإن قلنا: لا يشترط على الخَمس الطالبات من الثمان إسقاط حقوقهن من الباقي، فيظهر الغرض بأنهن ملكن الانفراد بالتصرف في الربع المسلم به، وحقوقهن بعد حط الربع لهن قائمة في الباقي الموقوف.

ولو زدن على الثمان وكن تسعاً مثلاً، فجاءت خَمسٌ وطلبن أن نقدر لهن شيئاًً، لم نجبهن؛ فإنا نجوز أن يكن الأربع الباقيات هن الزوجات.

ولو كنَّ ستاً، فجاءت أربع منهن يطلبن، فنسلم إليهن نصفَ الموقوف؛ فإنا نعلم أن في [الأربع] (١) زوجتان، ولو جاءت ثلاث يطلبن، فنسلم إليهن ربع الموقوف، فإنا نعلم أن في الثلاث زوجة، وإنما نأخذ هذا الاعتبار من عدد اللواتي لا يطلبن أن [يخصصن] (٢) بشيء، وليس يخفى مُدرك الغرض في ذلك على من له فكر.

٨١٦٨ - [ومما] (٣) ذكره الأصحاب في ذلك أن الزوج إذا كان تحته أربع وثنيات وأربع كتابيات، فأسلمت الوثنيات معه، واستقرت الكتابيات؛ فالنكاح متردد بينهن، من جهة أن المسلم يقرر على نكاح الكتابية، فإذا مات، ولم يختر منهن أربعاً، فلا نقف لهن شيئاًً؛ فإنا نقف المقدار المستيقن، ونحن نجوّز أن تكون الزوجاتُ الكتابيات؛ إذ لو اختارهن في حياته، لجاز له ذلك. ثم لا ميراث للكتابيات، فإذا أمكن تقرير هذا، فقد زال تحققُ الاستحقاق وثبوتُه على قطع، وهذا سديد على مذهب الشافعي في اعتبار اليقين في المواريث عند وقوع اللبس.

وقد ألحق الأئمة بهذه الصورة، أن الرجل لو نكح مسلمة وكتابية ثم قال: "واحدة منكما طالقة ثلاثاً"، ومات قبل البيان، ولم نُقم بيانَ الورثة مقام بيانه، فلا نقف لهما شيئاًً، للعلة التي ذكرناها؛ فإنه كان يجوز أن يعيّن المسلمة للفراق، ثم لا ترث الكتابية لو فعل ذلك ومات.


(١) في الأصل: "الست". وهو سبق قلم.
(٢) في الأصل: يخصص.
(٣) في الأصل: وما.