للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر صاحب التقريب هذه المسألة، وأجاب فيها بجواب الأصحاب، وحكى وجهاً آخر، أنَّا نقف ميراث زوجة بين المسلمة والورثة إذا وقع بينهما الطلاق المبهم، وطلب أن يفصل بين هذه المسألة وبين المسألة التي ذكرناها في نكاح المشركات من فرض أربع وثنيات يسلمن وأربع كتابيات يصررن على الكفر، ولم يأت بما يقبل الحكاية، ولا يتوقع الفقيه في ذلك فرقاً ممكناً أصلاً.

فهذا ما ذكره جماهير الأصحاب في الميراث طردناه على وجهه.

٨١٦٩ - وذكر صاحب التقريب طريقةً عن ابن سريج وعدَّها خارجة عن قياس الأصحاب. ولا يستقر على المسلك الحق عندنا غيرُها (١)، وذكر أنه حكي عنه أنه قال: إذا لم يختر المسلم الزوجات، ومات قبل اتفاق ذلك، واتفقت (٢) النسوة على صورة الحال، ولم يختلفن، ولم تدّع واحدةٌ منهن كونها مختارة، بل اعترفن بصورة الحال، فالربع أو الثمن مفضوض عليهن بالسوية؛ فإنَّ التوقع في البيان منقطع، وكل واحدة منهن في سبب الاستحقاق بمثابة صاحباتها، وليس ذلك لبساً يُنتظر زواله.

والذي يكشف الغطاء في ذلك: أن محل اللبس ينتظم أن يقال فيه: ما هو مشكل علينا معلوم لله تعالى، فهذا التقدير لا يمكن إجراؤه في هذه المسألة؛ إذ لا وجه في البيان، فيفرض معلوماً لله تعالى.

ولو قال: إن كان هذا الطائر غراباً، فأنت طالق، وقال لزوجته زينب: إن لم يكن غراباً، فأنت طالق، فتطلق إحداهما. فإن أشكل الطائر، وأشكل تسميةُ الطالق منهما، فهذا الإشكال يختص بنا، والرب تعالى عليم بالطالق، ومثل ذلك لا يتأتى تقديره في المسلمات الزائدات على العدد الشرعي إذا مات الزوج قبل اختيار الزوجات منهن، فلا وجه إلا التسوية بينهن قسمةً وتوزيعاً.


(١) هذا الذىِ اختاره الامام غير ما استقر عليه المذهب، فقد قال الرافعي بعد أن نقل هذا عن الإمام: "والمشهور الأول" أي الوقف (ر. الشرح الكبير: ٨/ ١٢٤) أما النووي، فقد قال: "ومال الإمام إلى هذا الوجه، والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول" (الروضة: ٧/ ١٧١).
(٢) في الأصل: "اتفقت" بدون واو.