للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمته؟ فإن الوطء إنما يعتبر في ملك اليمين، ونفس إمكان الوطء في فراش النكاح يثبت النسب، فمنهم من قال: يتعلق به ثبوت النسب، فقد يسبق الماء منه إلى الرحم، ومنهم من قال: لا يتعلق به ثبوت النسب، أورده بعض المصنفين، وهو غير بعيد؛ فإن من أئمتنا من قال: إذا وطىء وعزل، لم يثبت النسب في ملك اليمين، والإتيان في هذا المأتى أبعد عن إمكان العلوق عن الوطء مع العزل؛ إذ [قد] (١) يسبق بادرة من الماء لا يشعر العازل بها، والمأتى المحرم لا يفضي إلى الرحم.

وقال الأصحاب: يتعلق بالإتيان في هذا المأتى وجوب العدة والمصاهرة (٢).

فهذا يندرج تحت ما يقتضي التغليظ.

ولا يتعلق به التحليل للزوج الأول، ولا الإحصان، وقطع أئمة المذهب بأنه لا يثبت للمأتية حكم الثيب مع بقاء العُذْرة، وأبعد بعض الأصحاب.

فزعم أنه يتعلق به حكم الثيابة، وهذا كان يحكيه شيخي، فلم أحكه -لبعده- في موضعه، ثم وجدته لطائفة من الأصحاب.

فهذا بيان ما يتعلق بذلك، وما لا يتعلق به.

٨٢٠٧/م- ووراء ما نقلناه نظر على المتأمل في بعض الأحكام: كنت أود لو لم يتعلق تقرير المهر بما ذكرناه، حتى نقرر أن هذا النوع ليس مما [يُستحل] (٣)، وحتى يلتحق إتيان النساء في هذا المأتى بإتيان الرجال، ولكن الأصحاب اتفقوا على ما ذكرته من إيجاب المهر وتقريره، ولعل السبب فيه أنه على الجملة وطء في محل الاستمتاع، ولذلك لا يجوز أن يتعلق به الحد (٤)، ومن يأتي غلامه المملوك أُلزم الحد بإتيانه، وكأنّ إتيان المرأة في غير المأتى يشابه إتيانها في المأتي إذا كانت حائضاً، ولهذا قال الشافعي: إذا كان يحرم إتيان الحائض لما بها من الأذى، فيجب أن يحرم الإتيان في غير المأتى، لأن الأذى دائم، وما قال الشافعي هذا قياساً، وإنما قاله تلقياً من قوله


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) والمصاهرة: أي ما يتعلق بها من تحريم المحرمات.
(٣) في الأصل: يستحيل.
(٤) أي في الزوجة وملك اليمين.