للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني - إنه لا يغرم لها شيئاًً؛ لانتسابها إلى التغرير بالكتمان، واقتضاء التغرير الرجوع لا يختص بجزءٍ من المهر دون جزء، وخلو الوطء عن المهر لا يعدم [نظيراً] (١) في الشرع.

فإن قلنا: يترك إليها مقداراً، فهو أقل ما يتمول، وقد تكلمنا في ذلك في مواضع من الكتاب، وإن قلنا: لا يترك إليها شيئاً، فللأصحاب نوع من الكلام في التقدير والإسقاط في مثل تزويج الرجل أمته من عبده، فلا شك أن السيد لا يثبت له مهر أمته على عبده ثبوتاً يطالب به في الحال، أو في المآل، ولكن هل نقول: هل يثبت المهر تقديراً أو سقط كما (٢) ثبت؟ فعلى وجهين ذكرهما الشيخ أبو علي وغيره، وهذا يضاهي اختلاف الأصحاب في أن الأب إذا قتل ابنه، فهل نقول: يلزمه القصاص؟ ثم يسقط بتعذر استيفائه، أو نقول: لا يلزمه القصاص أصلاً؟ تردد فيه الأصحاب.

فإذا كان لهذا النوع من الخلاف جريان، فأحرى المواضع بها ما نحن فيه من تصدي المرأة للغرور، أو لما في معناه؛ فإن حق الرجوع إذا ثبت وتضمن تقدير المطالبة بما به الرجوع، فهل يقدر الوجوب فيما يثبت به الرجوع به أولاً؟ فعلى وجهين. وجريانهما في هذه الصورة أوجه من جريانهما في الأمة يزوّجها مولاها من عبده. ويكاد يكون الثبوت في المهر مع ثبوت الرجوع حالاًّ محل ما يجري فيه التقاصّ من الحقوق المقابلة.

فهذا حاصل القول في الرجوع على المولى وما يتصل به. ولولا أثر عمر بن الخطاب، لما انتظمت هذه المسائل؛ فإن المعنى لا يشير إلى تنزيل الولي المزوّج منزلة الغارّ المصرِّح بالتغرير.

٨٢٣٥ - ثم أجمع الأصحاب على أن ما ذكرناه من إجراء القولين في الرجوع على الولي المزوّج فيه إذا كان العيب المثبت للخيار مقترناً بالعقد، فأما إذا عري العقد عن اقتران عيب به، وانعقد على سلامتها، ثم طرأ عيب، وجرينا على إثبات الخيار


(١) في الأصل: نظراً.
(٢) كما ثبت: أي عندما ثبت.