للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت الرجوع عليه قولاً واحداً، فلا كلام. وإن حكمنا بأن الرجوع على الولي يثبت مع كونه جاهلاً بعيب المزوّجة، فالقولان يجريان فيه إذا كان الولي مَحرماً، وهل يجريان إذا لم يكن محرماً للمزوجة؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنهما لا يجريان في غير المحارم؛ فإنه إنما يتحقق للانتساب إلى التفريط ترك البحث في حق المحارم، فيصير ترك البحث في حق المحرم تقصيراً حالاًّ محل إنشاء العقد مع العلم بالعيب، فأما من ليس محرماً؛ فإنه يبعد اطلاعه، فلا ينتسب إلى التقصير بترك البحث عن حقيقة الحال.

والوجه الثاني - إن القولين يجريان في غير المحرم جريانه في المحرم؛ فإنَّ التعويل في إثبات الرجوع على الولي على الأثر الذي نقله الشافعي عن عمر في صدر الباب، وليس فيه فصل بين ولي وولي، كما ليس فيه فصل بين العالم والجاهل.

٨٢٣٣ - ومما يتعلق بهذا المنتهى، أنا إذا قلنا: إنما يغرَم الولي إذا كان عالماً بالعيب وزوّج، ولو كان جاهلاً، لم يثبت عليه مرجع، فلو كتمت المزوَّجة عيبَ نفسها، فهي بكتمانها حَالَّةٌ محل الولي المزوِّج مع العلم بالعيب، ففي ثبوت الرجوع فيها القولان المذكوران في الولي العالم بالعيب. وسنذكر في باب الغرور أن المرأة إذا كانت هي الغارَّة، ففي الرجوع عليها من الكلام ما في الرجوع على المزوِّج الغارّ.

ثم إن رأينا الرجوع، والمرأة هي الكاتمة، وهي التي وطئها زوجها، فإذا أثبتنا الرجوع عليها، فلا معنى للغرم [لها] (١)، وذكرنا الرجوع تقدير يُفضي معناه إلى أنه لا يغرم لها؛ فإنها حلت محل من ثبت الرجوع عليه، والجمع بين الغرم [للشخص] (٢) وبين الرجوع بما يغرم له متناقض.

٨٢٣٤ - فإذا أحللناها محل من يرجع عليه، فهل نقول: يدع إليها شيئاًً من المهر يستحل به البضع؟ فعلى وجهين: أحدهما - إنه يجب ذلك؛ فإنها لو لم تستحق شيئاًً من المهر، لكان إعراء الوطء عن العوض إحلالاً له محل السفاح.


(١) في الأصل: بها.
(٢) في الأصل: "والشخص".