للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إمكان التقويم] (١) وأبو حنيفة (٢) يعتبر قيمته يوم الترافع، ثم إذا غرم المغرور قيمة الولد رجع بها على الغارّ إجماعاً، وقد نطق بذلك قضاء عمر.

والمهر الذي يلتزمه بالوطء في زمن الغرور هل يرجع به على الغارّ؟ فيه قولان مشهوران: أحدهما - إنه يرجع به كما يرجع بقيمة الولد، والثاني - لا يرجع به، وهو الأصح؛ لأنه شرع في عقد النكاح على أن يتقوم البضع عليه، ثم استوفى منفعة البضع بجهةٍ وطّن نفسه على التقوّم فيها، فكان كما لو اشترى طعاماً مغصوباً وأتلفه، فإذا غرِم قيمة الطعام لمستحقه، فلا يرجع بما غرمه على الغاصب.

٨٢٥٣ - ثم إذا ثبت أنه يرجع بالقيمة قولاً واحداً، أو بالمهر على أحد القولين؛ فالمذهب الذي عليه التعويل: أنه لا يرجع ما لم يغرَم، وكذلك إذا شهد الشهود على أن فلاناً قتل فلاناً خطأ، ونفذ القضاء بشهادتهم، وضرب القاضي العقلَ على عاقلة المشهود عليه، فإذا رجع الشهود عن الشهادة، فإنهم يغرَمون للعاقلة ما غرِمته العاقلة، فلو أراد العواقل أن يغرّموا الشهود قبل أن يغرموا ما ضرب عليهم، لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً.

ولذلك إذا ضمن رجل عن رجل ديناً على وجهٍ يُثبت له حقَّ الرجوع على المضمون عنه، فليس له الرجوع قبل أن يغرم للمضمون له، هذا أصل المذهب.

وقد ذكرنا في رجوع الضامن على المضمون عنه قبل أن يغرم وجهاً في كتاب الضمان ليس بالقوي، وذلك الوجه يجري في مسألتنا وفي مسألة الشهود، وفي كل من يجد مرجعاً إذا غرم، إذا كان الغرم ديناً مستحقاً على من له حق الرجوع إذا غرم.

ثم الحكم بيّن إذا كان الغار وكيل سيد الأمة.

٨٢٥٤ - فأما إذا صدر الغرور منها -كما سبق تصوير ذلك- فالغرور منها يثبت حق


(١) ما بين المعقفين مأخوذ من كلام الرافعي؛ إذ قال: "وتعتبر قيمة الأولاد يوم الولادة، فإنه أول حالات إمكان التقويم" (ر. الشرح الكبير: ٨/ ١٥٠) وعبارة الأصل: "فإنه أول حالة لاقاها حكم ... " ثم كلمة مطموسة بعد (حكم).
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ١٧٥، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٥٤ مسألة رقم: ٨٥٠.