للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجوع عليها، والكلام في متعلّق الحق. ومتعلقُ الحقوق المالية في العبيد الكسب أو الذمة أو الرقبة، فأما الكسب، فلا مطمع في تعلّق حق الرجوع به؛ من جهة أن التعلق بالكسب إنما يثبت في الحقوق التي تثبت بإذن المولى في المعاملات والضمان [والاستدانة] (١) ونحوها، ولم يوجد من السيد في ذلك إذن.

وأمّا الرقبة، فلا يتعلق بها حق الرجوع؛ من جهة أنه إنما يتعلق بالرقبة موجَب الإتلافات وأروش الجنايات، والإتلاف والجناية يردان على مملوك أو مستحق مضمون شرعاً، كالحر المحترم. والغارَّة ليست متلفة رقّاً، ولكنها متسببه إلى إثبات ظن في نفس الزوج، فيترتب عليه اندفاع الرق، فيبعد عن قياس الجنايات، ثم اندفاع الرق بظن يعتري الزوج ليس إتلافاً، بل هو متعلق بموجب معاملة ومعاقدة، وإذا كان كذلك، فالغارّة تسببت إلى ما ليس جناية، فلا يكون تسبّبها جناية، والطرق متفقة على هذا، وكأن الغرور منها بمثابة ضمان، إن صححنا الضمان من المملوك بغير إذن المولى، فإذا لم يتعلق حق المرجع بكسبها ولا برقبتها، لم يبق إلا أن يتعلق بذمتها. وسبيل ما يتعلق بالذمة [الاكتساب] (٢) بعد زوال الرق بالعتق.

ثم إن كان الغرور من الوكيل، وأثبتنا [للمغرور] (٣) الرجوع بالمهر، فإنه يرجع بكمال المهر على الوكيل، ولا يدع إليه شيئاًً، وإن كان الغرور من الأمة، وقد عتقت، فيرجع عليها بتمام المهر على القول الذي فرعنا عليه؛ فإنه غرِم المهر لمستحقه، وهو المولى، وإنما رجوعه الآن على من لم يكن مستحقاً للمهر.

٨٢٥٥ - وإن صدر الغرور من المُكاتبة، وأثبتنا الرجوع بالمهر، فهل يترك إليها شيئاًً من المهر، يجوز أن يكون صداقاً؟ فعلى الوجهين المذكورين من قبل، وسبب هذا التردد، أنها المستحقة للمهر، وعليها الرجوع على القول الذي نفرع عليه، فلو وقع الرجوع بتمام المهر؛ لخلا وطؤها عن استحقاق المهر، ولاقتضى ذلك اشتباه وطء النكاح بالسفاح؛ إذ هي المستحقة وعليها الرجوع.


(١) في الأصل: والاستدامة.
(٢) في الأصل: الاتساع.
(٣) في الأصل: من المغرور.