للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا لاح ذلك؛ بنينا على هذا الغرض، وقلنا: إن أوجبنا على المغرور أقلَّ الأمرين، فنعتبر مع الجدة الأقل من عُشر قيمة الأم، أو خمسة (١) أسداس الغرة، فإنه لم يسلم للأب إلا خمسة أسداس الغرة، والسدس الذي تستحقه الجدة غير محسوب على الأب المغرور.

وإن فرعنا على أنه يجب على المغرور عُشر قيمة الأم بالغاً ما بلغ، وإن زاد أضعافاً على قيمة الغرة، ثم قلنا: لا يتوقف تغريم المغرور على سلامة الغرة له، فنقول على موجب هذا: [على] (٢) المغرور عُشر قيمة الأم، وإن كان السالم له من الغرة خمسة أسداسها؛ فلا ننظر إلى المقدار الذي يسلم له، ولا نجعل ذلك من بالنا، وإنما ننظر إلى التفويت. وهذا بيّن.

وكل ما ذكرناه فيه إذا كان الجاني هو الأجنبي.

٨٢٦٤ - فأما إذا كان الجاني هو المغرور المستولد، فأول ما نذكره أنه لا يرث الجنينَ في هذه الحالة؛ لأنه قاتِل، وليس للقاتل من الميراث شيء. ثم إذا حجبه القتل، فيتصور للجنين ورثة مع الجدة، كالأخ والعم ونحوهما؛ فإن القاتل كما لا يرث، لا [يحجب] (٣).

وإذا اتضح هذا، عدنا إلى غرضنا، وقلنا: لا شك أن هذا المغرور إذا كانت له عاقلة، لم يغرم بنفسه الغرة، بل هي مضروبة على عاقلته، وأما الذي يغرَمه المغرور للسيد، والحالة ما وصفناها. نقل (٤) بعض الأصحاب [المعتمدين] (٥) عن القاضي أنه قال: ما تغرمه عاقلةُ المغرور من الغرة مصروف إلى ورثة الجنين سالمٌ لهم، وعلى


(١) المعنى: أننا مع وجود الجدة نوجب على المغرور الأقل من عشر قيمة الأم أو خمسة أسداس الغرة، فأيهما ظهر الأقل غرمه. وذلك أن الجدة تأخذ سدسها ميراثاً، قبل أن يغرم الأب.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: يحجبه.
(٤) نقل بعض الأصحاب: جواب (أما) بغير الفاء. وهي لغة كوفية، يجري عليها الإمام غالباً، كما نبهنا مراراً. ومثاله قول عائشة رضي الله عنها: وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، طافوا طوافاً واحداً. (ر. شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح: ١٩٥).
(٥) في الأصل: معتمدين.