للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغرور في نفسه أن يغرَم عُشر قيمة الأم لسيد الأمة.

ثم قال هذا الناقل: هذا غلط منَّا في النقل أو سهوٌ جرى على لسان ذلك الإمام.

والوجه أن يقال: يصرف من تلك الغرة مقدارُ عُشر القيمة إلى السيد، وما فضل، فهو مقسوم على الورثة، على فرائض الله تعالى.

وفي هذا وقفة وتأمل على الناظر، ونحن وراء التنبيه عليه، فإن كان هذا الاستدراك على القاضي رداً عليه وتغليطاً له، ونسبةً إلى الخروج عن قياس ما اختاره في قاعدة المسألة، فالغلط من المستدرِك، والقاضي مستدٌّ على اختياره تعويلاً على [نكته] (١) التفويت.

فنقول: اجتمع في هذه المسائل تفويتٌ من [المغرور] (٢)، وهو سببٌ يضمّنه، والمقدار المفوَّت في صورة الجناية عُشر قيمة الأم، وحصل في المسألة جناية المغرور في نفسه على جنين حرّ، [فخرج] (٣) عن كونه وارثاً، فاقتضى التفويتُ تغريمه عشرَ قيمة الأم للسيد، واقتضت جنايته الناجزة تغريمَ عاقلته غرة الجنين، وإذا تعدد السبب لا يبعد تعدّد المتسبَّب، فهذا توجيه ما ذكره القاضي.

والذي يوضح ذلك أنا على موجب هذه الطريقة نُلزم المغرور إذا كان الجاني أجنبياً تمامَ عُشر قيمة الأم، وإن كان لا يسلم له إلا خمسة أسداس الغرة، فاتجه ما أردناه.

وقياس مذهب الجمهور المستدرِك على القاضي ما ذكره، فإنَّا نتخذ ما يحصل من الغرة أصلاً فيما يغرمه المغرور للسيد، والذي تغرمه عاقلةُ هذا المغرور الغرة، فلا مزيد على مقدارها، ولا يجمع بين وجوبها للورثة وبين تغريم المغرور، بل نجعل رجوعنا إلى الغرة، فنؤدي منها حق السيد، فإن لم يفضل شيء، أو كانت الغرة أقل، فلا مزيد، وليس للورثة شيء، وإن كانت الغرة أكثر من عُشر قيمة الأم، فالفاضل مصروف إلى الورثة.


(١) في الأصل: نكثه.
(٢) في الأصل: الغرور.
(٣) في الأصل: فزوجه.