للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يذكر الصيدلاني في كتابه إلا هذا الوجه على النسق الذي ذكرناه، فتكون الغرة ممثلة بالدّية في صورة نذكرها الآن، وهي أن الجاني إذا جنى على عبد مملوك بقطع يديه، [ثم] (١) عتقَ العبد المجني عليه، ومات حراً، فالواجب على الجاني الدية؛ فإن الاعتبار في المقدار [المغروم] (٢) وجنسه بالمآل، ثم يصرف من الدية إلى السيد حقه، وفيه تفصيل عظيم في مسألة منعوتة من كتاب الجراح، وقدرُ غرضنا -الآن- منها أنا نصرف قسطاً من الدية إلى السيد. هذا مسلك الأصحاب.

وفي الاستشهاد بما ذكرنا بعض النظر؛ من جهة أن الجناية اتصلت بالعبد وهو رقيق، ثم تلك الجناية بعينها [سرت] (٣)، وليست مسألة الغرور كذلك؛ فإن سبب غرمه للسيد منفصل عن سبب غرم العاقلة للغرة، ولكن من حيث إن الجماهير يعتبرون الغرة قدراً ولا يوجبون الغرم قبل حصولها يتجه ما ذكره الأصحاب.

فهذا بيان تصويب القاضي على موجب اختياره، والرد على من استدرك عليه.

وإن كان الاستدراك على القاضي؛ من جهة أنه لم [يحك] (٤) في المسألة خلافاً، وقطَعَ الجواب بأن المغرور يلتزم عُشر قيمة الأم للسيد، وعاقلتُه يغرمون الغرة بكمالها للورثة، فإن حكى في ذلك إجماع الأصحاب، ففي حكاية الإجماع نظر؛ فإنَّ قياس الجماهير ما ذكرناه من ربط الغرم بالغرة، وما ذكره القاضي صحيح على قياسه.

ثم الأصحاب يقولون: إتلاف المغرور الجنين في حكم استيفائه الغرة إذا حصلت الغرة لمستحقها.

وكل ما ذكرناه إيضاح لما قبلُ، والأصح في المسألة وتفريعها ما اختاره القاضي، وقد نجز الكلام في جناية الأجنبي، وفي جناية الأب المغرور.

٨٢٦٥ - فأما إذا علقت الجارية بالولد الحر، فجنى السيد، وأجهضت الأمةُ


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: "المغرور".
(٣) في الأصل: سريت.
(٤) في الأصل: يجد.