للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنين، فعلى [عاقلته الغرة] (١) لا محالة، ثم يتفرع في هذه الصورة مذهب القاضي وطريقة الجماهير.

فأما ما اختاره القاضي، فمقتضاه في هذه المسألة أن ما تغرمه عاقلة المالك -وهو الغرة- مصروف إلى ورثة الجنين. ولا يتصور في هذه الحالة للجنين ورثة إلا الأب [والجدة] (٢)، ثم يغرَم المغرور للسيد عُشرَ قيمة الأم.

وفي هذا الموضع عندي نظر؛ فإنا نعوّل في طريقة القاضي على التفويت، والسيد هو الذي فوّت الجنين، [فلو كان الجنين] (٣) رقيقاً، لكان التفويت منسوباً إلى مالك الرق في الجنين، فيبعد أن يكون المفوت من طريق إتلاف المالك، ويجب الضمان على المغرور؛ فينبغي أن يقال: انفصاله بجناية المالك، كانفصاله من غير جناية، غير أن الغرة وجبت لمكان حرية الجنين، فالسيد يقول للمغرور: لولا تفويتك عليَّ، لما وجبت على عاقلتي، فينقدح والحالة هذه أن يصرف إليه من الغرة شيء، والأوجه عندنا على قياس القاضي أن تصرف الغرة إلى الورثة، [ولا] (٤) يغرم له المغرور شيئاًً. والعلم عند الله تعالى.

وهذا مشكل في النهاية بسبب كون الغرة على غير الجاني مع انتساب الجاني إلى الإتلاف.

وأما قياس جماهير الأصحاب، فهو ما ذكرناه أن المغرور لا يغرم للسيد شيئاًً قبل حصول الغرة، فإذا حصلت، اعتبرت الغرة كما تقدم، فإن كانت مقدار عُشر القيمة أو أكثر، صُرف عُشر القيمة إلى السيد، ولا تخفى الطرق الأُخر، وهو إذا كانت الغرة أقل، وفي القلب من هذه المسألة حسيكة (٥)، وإن فرعناها على قياس الأصحاب؛


(١) في الأصل: عاقلة الحرة.
(٢) في الأصل: والجد.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) في الأصل: فلا.
(٥) حسيكة: الحسيكة في الأصل: العداوة والحقد، والمراد هنا، الضيق والألم، وعدم الرضا، وعدم الشعور ببرد اليقين، بل بألم الشك. (المعجم وأساس البلاغة).