للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني - إنه يثبت خيارها على التراخي من غير أن يُناط بأمَدٍ، ويدوم لها حقها إلى أن تُصَرِّح بإسقاطه، أو بالرضا بالمقام، أو يغشاها زوجها على طواعيةٍ منها، وعلم بحقيقة الحال، فما لم يجر ما وصفناه، فهي على خيارها.

والقول الثالث - إنَّ خيارها يمتد ثلاثة أيام.

توجيه الأقوال: من قال بأنَّ خيارها على الفور، شبَّهَهُ بخيار العيب، والجامع، أنَّ المقصود من الخيارين الاستمكان من دفع الضرار الناجز [فرِقُّ] (١) الزوج إذاً مع [عتقها] (٢) في معنى العيب الكائن في المعقود عليه، وتأملٌ على الناظر في المعنى الذي لأجله كان خيار العيب؛ إذ لو قال قائل: هلا دام ذلك الخيار إلى أن يُسقطه مستحقه؟ كان الجواب عنه أنَّ معنى عقد البيع وما في معناه على اللزوم، فإفضاؤه إلى جواز يدوم يخالف موضوعه، فبعد تأبيد الخيار لذلك، وقيل لمستحق الخيار: اقطع العقد حتى لا يُلفى في الشرع دوامُ جوازٍ في عقدٍ حقُّه اللزوم، أو نَرضى به، وإن لم نرض به، ألزمنا الشرع العقدَ، وهذا يعتضد بمجرى كلامنا في أسلوب مسألة البراءة من العيوب، حيث قلنا: سببُ الرد زوال جهالة خفية، فإذا انكشف الأمر، فلا وقوف بعد الانكشاف، فمن شبه خيار المعتقة بخيار العيب، اعتمد ما ذكرناه من وجوب لزوم النكاح؛ فإنه عن الجواز أبعد من البيع.

ومن صار إلى أنَّ خيارها لا يثبت على الفور، استمسك بأنَّ هذا حقٌّ جديد لا استناد له إلى العقد الماضي، حتى كأنها برضاها تبتدىء عقداً، ولهذا كان [الجواز] (٣) خارجاً عن القانون، كما نبهنا عليه في وضع الباب.

ثم من قال: يتأبد الخيار، فمتعلقه ما ذكرناه، مع أنه لا منتهى له يقف عنده، فلا وجه إلَاّ الحكم بثبوته إلى أن يبطله مستحِقه.

ثم يستأنس هذا القائل بحديث حفصة، فإنها قالت: "للمعتقة الخيار ما لم يمسها زوجها".


(١) في الأصل: فوق.
(٢) نفقتها.
(٣) في الأصل: الجار.