وإن قيل: فعلت ما في وسعِها، فإنَّ التمكينَ من الوطءِ إنما يتحققُ عند وقوعِ الوطء.
ولو وطئها الزوجُ على اقتهارٍ، فهذا فيه ترددٌ عندنا؛ من قِبَلِ أن كانت متمكنةً من الفسخِ إذْ وطئها الزوج، فسكوتُها في حكم التمكين، وهذا له التفات من طريق الشبه على أنَّ الزوجَ إذا وطىء امرأتَه قهراً، فهل يبقى لها حق حبسها نفسها حتى يتوفر الصداق عليها؟ وسيأتي مأخذُ ذلك في موضعه، إن شاء الله عز وجل.
ولو غشيها قابضاً على فيها، فلا خلافَ في أنَّ حقَّهَا لا يبطلُ والحالة هذه. وهذا يناظرُ تفصيلَ الأصحابِ فيه إذا أُخرجَ أحدُ المتبايعين من مجلسِ العقدِ قهراً وهو متمكنٌ من الفسخ أو غير متمكن.
وقد نجزَ ما أوردناهُ من التفريع على قولِ التراخي.
وإذا أقتنا الخيارَ بالثلاث، فمبتدأُ المدَّةِ من وقتِ ثبوت الخيار، لا من وقتِ نفوذِ العتق، وذلك إذا أُشعرت بالعتق والخيار.
٨٢٨٨ - فإذا تمهد ما ذكرناه، فإنَّا نقول بعد ذلك: ما قُطع به في الطرق أنَّ الخيار الثابتَ في النكاح بسبب العيوب يكون على الفور؛ اعتباراً بخيار العيبِ في البيع، ولم يذكروا الأقوال التي ذكرناها في خيار المعتقة.
وذكر الشيخُ أبو علي في شرح التلخيص أنَّ من أئمتنا من أجرى هذه الأقوالَ في خيارِ العيب في النكاح، وهذا لم أره له، وليس ما ذكره بعيداً عن مسلك المعنى، والذي أجريناه من كلام الشافعي في أقوال خيار المعتقة يشهد بذلك؛ فإنه فَرَّقَ بين خيار المعتقة وخيار العيب في البيع، لِعظم خطر النكاح، فلا يبعد أن يطرد هذا المعنى في خيار العيب في البيع؛ إذ غرض الخيار في البيع استدراك مالية، ولذلك قد يقابل بأرش العيب، ولا مدخل لأرش العيبِ في النكاح؛ حتى يقدر استرداد جزءٍ من الصداقِ إذا كانت هي معيبة، فالمدار على الضرار، وليس يبعد امتداد الخيار مما يتعلق بالضرار.
وكنت أود لو فصلَ فاصلٌ بين خيار العنَّة وخيار الجبِّ في هذا المعنى؛ فإنَّ التي عنَّ عنها زوجُها على رجاءٍ من زوال المانع بخلاف الجَب. ولم أر إلى هذا منتهىً