للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لم يختلف أصحابنا في أنها لو انفردت بالفسخ بعد انقضاء المدة، ولم ترفع أمرها إلى مجلس الحكم، لم يُحكم بنفوذ فسخِها، بل لَغَا قولُها؛ والسبب فيه أنَّ مدار الباب على الدعوى والإقرار والإنكار، والنظر والاجتهاد، فلا تملك الاستبداد أصلاً.

وإن رفعت الأمر إلى مجلس الحكم، وتبيّن بإقرار الزوج أنه لم يصب في المدة المضروبة، فقد حان الفسخ.

وظهر اختلاف الأئمة في [أنه] (١) هل يفسخ بنفسه؟

وإنْ فوّض إليها، كانت مأمورة مستنابة في تنفيذ الفسخ المفوّض إلى الحاكم.

ومن أئمتنا من قال: إذا انتهى الأمر إلى الموقف الذي ذكرناه، ترتب عليه ثبوت الفسخ على الاستقلال، وتلتحق العُنَّة حينئذ بالجَبِّ، ثم لها الفسخ بالجبِّ على الانفراد، كذلك هاهنا؛ فإن حكمنا بأنها تنفرد، فهل يكفي أن يقول الزوج بعد المدة: لم أطاها في المدة، أم لا تتسلط المرأة ما لم يقل القاضي: ثبت لكِ حقُّ الفسخِ فتخيَّري؟

[من] (٢) أصحابنا من قال: لا بد من تصريح القاضي بما ذكرناه، وبعده تملك المرأة الانفراد بالفسخ، كما لا بد بعد قيام البيّنة في الخصومات وتعديلها من أن يقول القاضي: ثبت الحق عندي؛ فإنَّ المجتهدات في مفاصل الخصومات لا تنفصل ما لم يُخبِر القاضي عن انتهاء نظره فيها نهايته.

ومن أصحابنا من قال: لا حاجة إلى ذلك في هذا المقام أصلاً؛ فإنَّ القاضي لا مجالَ لاجتهاده إذا اعترف الزوج بأنه لم يطأ في السنة، وقد مضت على كمالها.

نعم، إن ادعى جريان الوطء، فيحلف حينئذ وتُدرَأ الخصومات: فإن حلف، فلا فسخ، وإن نكل، رُدّت اليمين على المرأة، فإن حلفت، عاد الكلام إلى ما إذا أقَرَّ الزوج بعدم الوطء، وفيه الخلاف الذي حكيناه.


(١) في الأصل: أنها.
(٢) في الأصل: ومن.