للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٣١١ - ومما يُنبّه على سر الباب. أنَّ العنَّة الطارئة بعد جريان وطء لا تثبت أصلاً، وليست كالجب، فإنَّ الزوج إذا وطىء مرةً أو مراراً، ثم جبَّ؛ فحق الخيار يثبت لها على التفصيل المقدم في باب العيوب.

٨٣١٢ - فتنخّلّ من هذه الأسباب أنَّ العُنّة إذا ثبتت مع المهْل (١)، وامتحنت بعروّ المدة عن الوطء، وانضم إلى ذلك عرو النكاح عن الوطء؛ فتجمُّع هذه الأسباب يُلحقها بالجب.

فأمَّا الاعتراف المجرد بالعنة من غير مدة وضرب أجل، فلا يُثبت حق الفسخ، ولذلك إن جرى وطءٌ، فلا تعويل على عنَّة إن كانت؛ لأنها غير موئسة، وجريان وطء يقرّب الرجاء في زوالها، فلا تلتحق بالجب.

وليس يخفى في مبادىء النظر الإشكالُ في هذا، ولكنه إذا اعتضد بالإجماع، لم يبالَ به.

وكل ما ذكرناه توطئةٌ للباب في أحد القسمين الموضوعين في صدره، وذلك أنَّا قلنا: الكلام يتعلق بادعاء المرأة العجز، وباعترافها بالقدرة، وطلبها الوطءَ، فإن ادعت العجز، فقد مضى صدرٌ من الكلام، وسيأتي باقيه، إن شاء الله تعالى.

٨٣١٣ - وإن اعترفت بقدرة الزوج على الوطء، وذكرت أنه لم يصبها في النكاح، وطلبت الإصابة؛ فهذا يبتني على خلافٍ مشهور في أنَ الزوج القادر على الوطء، هل يُجبر على أنْ يصيبَ امرأتَه مرةً واحدة؟ فظاهر المذهب: أنه لا يُجبر؛ لأنَّ الاستمتاع حقه، وهو مستحَق عليها، ولذلك يختص الزوج ببذل الصداقِ المقامِ عوضاً عن البضع.

ومن أصحابنا من قال: يجب على الزوج وطأةٌ بلا واحدة، واستدل ناصرُ هذا الوجه بمعنيين، يبتني عليهما تفريع مسائل: أحدهما - أنها تُطالب بوطأة يتقرر مهرُها بها (٢).


(١) بسكون الهاء وفتحها.
(٢) لأنه إذا لم يطأها يتنصف المهر إن طلق قبل المسيس، ويسقط إذا فسخت.