للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعفير؟ وهذا إن صح النقل فيه يلتفت إلى ما مضى، وهو أن غير التراب هل يقوم مقامه؟ فإن قلنا: لا يقوم غيره مقامه، فقد غلّبنا فيه معنى التعبد، ونزلنا التراب في ذلك منزلته في التيمم؛ فإن التراب النجس لا يصح التيممُ به، وإن أقمنا غير التراب مقامه، فكأنّا راعينا معنى إعانة الماء على قلع النجاسة، فلا يبعد الاكتفاء بالتراب النجس.

ومما ذكره هذا الرجل أن الكلب لو ولغ في حفرة محتفرة في التراب، فهل يجب استعمال التراب في محاولة تطهير الحفرة؟ فعلى وجهين.

وهذا قريب المأخذ مما ذكرناه؛ فإن الحَفِيرة قد تنجست تربتها، فإن كنا نجوّز التعفير بالتراب النجس، فلا معنى لاستعمال التراب في التراب، وإن منعنا استعمال التراب النجس، فيجب استعمال التراب الطاهر.

ومما يتعلق بذلك أن من غسل الإناء سبعاً، ثم ذرّ عليه تراباً، ثم نفضه، لم يُجْزه؛ وذلك لأنّا إن فهمنا معنى الإعانة، فهو غير موجود هاهنا. وإن تمسكنا بالحديث، فمقتضاه استعمال التراب في غسلةٍ من الغسلات السبع؛ فإنه عليه السلام قال: " إحداهنّ بالتراب "، ثم إذا مزج التراب بالماء في غسلة، فينبغي أن يتكدّر الماء بها ويتغيّر، وإلاّ لم يكن ما يأتي به تعفيراً.

ولو استعمل التراب في غسلة ثامنةٍ، فقد عفر وِفاقاً.

ولو مزج التراب بخلٍّ أو مائع سواه، واستعمله في الإناء، ففي المسألة وجهان - وهذا أيضاًً يلتفت على ما ذكرناه من تغليب التعبّد، أو النظر إلى قلع النجاسة.

هذه القواعدُ في إزالة نجاسة الكلب.

فرع:

٣٣٢ - إذا ولغ الكلب في إناء فيه ماء قليل، ثم صبّ عليه الماء وكوثر، حتى بلغ قلتين، فيطهر الماء، لبلوغه حدّ الكثرة، وهل يطهر الإناء؟ فيه ثلاثة أوجه مشهورة، ووجه رابع زاده الشيخ في الشرح.

أحد الوجوه - أن الإناء يطهر؛ لأنه صار إلى حالة أخرى لو كان عليها أولاً، لما تنجس؛ إذ الكلبُ لو ولغ في ماء بالغٍ قلتين في إناء، لم ينجس الماء والإناءُ.