والثاني - أن الإناء لا يطهر؛ فإنا قد تُعبدنا في إزالة نجاسة الكلب بغسله سبعاً وتعفيره، ولم يتحقّق ذلك، وإذا ورد تعبد غيرُ معقول المعنى، لم يسقط بطريقٍ مأخذُه المعنى.
والأول أصح؛ فإنا بنينا الآخر على الأول كما قررناه، والتعبد لم يتضمّن تنجيس الإناء، وفيه قلتان. فليعُد الأمرُ آخراً إلى ما ذكرناه أولاً.
والوجه الثالث - أن الإناء إن تنجس تبعاًً للماء بأن كان ولغ في الماء، ولم يلق شيءٌ منه جِرْمَ الإناء، فإذا بلغ الماء قلتين، وطهر بالكثرة، طهر الإناء تبعاًً لطهارة الماء، كما ينجس ابتداء تبعاً، وإن كان لاقى شيءٌ من الكلب جِرمَ الإناء، فقد تنجس، وهو أصلٌ في النجاسة، فلا يتبع طهارة الماء في الطهارة. وهذا ضعيفٌ لا أصل له.
والوجه الرابع - الذي ذكره الشيخ: أنه إن مكث الماء الكثيرُ في الإناء لحظاتٍ يتأتى في مثلها تكريرُ الغسلات السبع، حُكم بطهارة الإناء، وإن لم يمض زمانٌ يتأتى فيه ما ذكرناه، لم نحكم بطهارة الإناء.
وهذه الأوجه تجري إذا غُمس الإناء النجس بنجاسة الكلب، أو الثوب النجس في ماءٍ كثير. فالأصح الوجه الأول، ويليه الثاني. والثالث، والرابع لا أصل لهما.
٣٣٣ - وللفرع غائلة أوْضَحها الشيخُ في الشرح، وهي تحتاج إلى مقدمةٍ. فالماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة جامدة، فهل يجب التباعد عن مورد النجاسة بقدر قلّتين؟
فعلى قولين سيأتي ذكرهما في الباب الذي يلي هذا، فإن حكمنا بوجوب التباعد، فلو كان في إناء من جلدٍ نجس قلتان، والتفريع على وجوب التباعد، فالماء كله نجس.
وسنوضح ذلك في موضعه إن شاء الله عزّ وجل.
فإذا ظهر ذلك، عدنا إلى غرضنا: فإذا بلغ الماء بعد ما ولغ الكلب فيه قلّتين، فإن حكمنا بأن الإناء طاهرٌ، فلا كلام.
وإن حكمنا بأن الإناء نجس، فنجاسة الإناء على هذا كنجاسةٍ حكميّة، أو كنجاسةٍ عينية؟ فعلى وجهين. وهذا تردُّدٌ لطيف.
فإن حكمنا بأن نجاسة الإناء كنجاسةٍ عينية، والماء قلتان بلا مزيد، وأوجبنا