للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسه إن وَجَد، فإن فَقَد، لم يجز تضييعه، ثم لو اشترى في حالة الضرورة طعاماً، صح ذلك منه [تنزيلاً] (١) لهذا على كون ذلك [خاصاً به] (٢) في وضع الشرع، فهذا مسلك في فرائض الكفايات. ويلتحق بذلك تعليم القرآن؛ فإنَّ على الإنسان أن يتعلم من القرآن ما لا يخفى، فهذا مما يختص وجوبه، فلا جرم جاز الاستئجار عليه، وإن كان إشاعة القرآن ونشره وتعليمه فرضاً على الكفاية.

والقسم الثاني- ما يثبت في الأصل شائعاً، ولا يختص افتراضه بشخص، حتى يعد من مؤنه وواجباته الخاصة، ولكن يثبت إقامةً لشعار، أو ذباً عن البيضة، وذلك مثل الجهاد، فإنه أُثبت عاماً، والمقصود به حماية الحوزة وحفظ البيضة. فهذا القسم لا يجوز الاستئجار فيه إذا كان المستأجَر مندرجاً تحت الخطاب العام بالذب.

ويخرج مما ذكرناه أهل الذمة؛ فإنَّا لا نخاطبهم بالذب عن الملة، فلا جَرَم جوز الشافعي للإمام أن يستأجر طائفةً من أهل الذمة على قتال جماعة من الكفار، كما سيأتي شرح ذلك في كتاب السير، إن شاء الله عز وجل.

وسبب منع الاستئجار أنَّ الخطاب إذا كان متعلقاً بالمسلمين على العموم، فيكون الأجير فيه قائماً بإقامة ما خُوطب به، ويستحيل أن يقع فعله عن غيره. فهذا ما يقع فرضاً.

٨٣٥٩ - وأمَّا ما يقع شعاراً غيرَ مفروض، فهو كالأذان في الرأي الأصح، فهل يجوز الاستئجار عليه؟

حاصل ما ذكره الأصحاب في الطرق ثلاثة أوجه:

أحدها- أنه لا يجوز الاستئجار على الأذان أصلاً؛ فإنه وإن كان لا يجب، فهو راجعٌ إلى تعميم الشعار، ولذلك لا يؤذن كل واحد ممن [حضر] (٣) الجماعة.


(١) كذا قرأناها بصعوبة أعان عليها السياق.
(٢) في الأصل: بإصابة.
(٣) في الأصل: نص.