للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه عندنا: القطع بأنَّ ذلك لا يعتبر ولا ينتهي التضييق إلى هذا الحد.

وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قصة الواهبة لذلك الأعرابي: " زوجتكها بما معك من القرآن " (١). ولم يقع للحرف والقراءة تعرُّضٌ.

٨٣٦٥ - ومما يتعلق بذلك أنَّ الإجارة إذا أوردت على عين شخص، فوقع الشرط على أن يكون هو [المعلّم، فلا يقيم غيرَه مقامه، كما إذا] (٢) استأجر الرجل داراً معينة ليسكنها، فليس للمكري إقامةُ غير تلك الدار مقامها.

ثم لو كان المعيَّن يحسن ما وقعت الإجارة عليه، صح الاستئجار. وإن كان لا يحسن، ولكن كان يتأتى منه أن يتعلم ويعلِّم؛ فقد ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أن الإجازة صحيحة؛ فإنَّ تحصيل الغرض ممكن، والتعليم لا يقع دفعة واحدة في وقت واحد، فصار كما لو اشترى شيئاً بألف، وهو لا يملك درهماً، فالشراء صحيح، وإن لم يكن في الحال في ملكه شيء من الثمن.

والوجه الثاني - أنَّ الإجارة فاسدة؛ فإنها تضمنت استحقاق شيء، وهو في وقت الاستحقاق غير ممكن، وليس التعذر فيه إلى (٣) التسليم؛ بل سبب الفساد أنَّ المنفعة في المسألة معدومة الجنس. وهذا الاختلاف يشير عندنا إلى سرٍّ في الإجارة، وهو أنَّ


= (العريان) بدل (زبّان).
وهو أحد القراء السبعة، وأحد أئمة اللغة والأدب، وكان أعلم الناس بالقرَان، وباللغة والأدب، والشعر ت سنة ١٥٤ هـ (ر. وفيات الأعيان: ٣/ ٤٦٦ - ٤٧٠، والأعلام للزركلي).
(١) الحديث بطوله متفق عليه، من حديث سهل بن سعد، رواه البخاري: كتاب النكاح، باب السلطان وليٌّ، ح ٥١٣٥، ومسلم: كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن، ح ١٤٢٥، وانظر تلخيص الحبير: ٣/ ٣٨٩ ح ١٦٧٧.
(٢) ما بين المعقفين زيادة من المحقق، لا يستقيم الكلام بدونها، ويؤيدنا عبارة العز بن عبد السلام في مختصره للنهاية، ونصها: " ويجوز إصداق تعليم القرآن، والإجارة عليه، ولا يقيم غيره مقامه في إجارة العين، فإن لم يحسن ما التزمه، صح إن كانت الإجارة على الذمة (ر. الغاية في اختصار النهاية: جزء ٣ لوحة ٨٩ يسار).
(٣) في الأصل: وليس التعذر فيه إلا إلى التسليم.