للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجارة إذا أُوردت على عينٍ ومنافعها، فكأن منافعها مع تعلقها بالعين، فيها معنى الالتزام، وكأنَّ المستأجر التزم تحصيلها من العين المعيّنة، فلا يمنع في الملتزَم أن يقع الاعتماد على إمكان التحصيل. ومن أبى ذلك يعتمد التعيينَ ومنافاته [لحكم] (١) الذمة، والوجهان فيه إذا كان يُحسن مقداراً يشتغل بتعليمه في الحال، أو كانت الإجارة مع تعلقها بالعين واردة على مدة تَسَعُ التعلّم والتعليم، فأما إذا لم تكن مدة، وكان لا يحسن شيئاً ألبتةَ، والإجارة تقتضي استحقاق الاشتغال بالتعليم، وتسليم المستحق على الفور؛ فلا وجه إلَاّ القطع بإفساد الإجارة لتحقق العجز عن المستحَق في الحال.

٨٣٦٦ - وكل ما ذكرناه في الإجارة يجري حرفاً حرفاً في الصداق، ونحن نرد باقي الصور إلى الصداق فنقول: لو أصدق امرأته تعليم مقدار يقع التوافق عليه، فقالت: علِّم فلاناً أو فلانة ما التزمت تعليمي إياه، ففي المسألة وجهان مشهوران ذكرهما العراقيون وغيرهم، وأثبت أئمة العراق للمذهب حداً وضبطاً وقالوا: الإجارة الواردة على العين تتعلق بمن يستوفي المنفعة، وبما تستوفى المنفعة منه، وبما تستوفى المنفعة به. فأما المستوفي للمنفعة، فيجوز أن يتبدل مع رعاية النصفة، وبيانه: من استأجر دابةً ليركبها، فله أن يُرْكِبها غيرَه، إذا كان في مثل جثته وثقله. فهذا مثال تبدل المستوفي.

وأما ما تستوفى المنفعة منه، فهو العين التي وردت الإجارة على استحقاق منفعتها، فلا سبيل إلى تعديلها، وهذا [مثل] (٢) تعيين دابة للركوب، لا يجد المكتري سبيلاً إلى إبدالها، بحكم الإجارة المنعقدة، ولو أتلفت الدابة المعينة، انفسخت الإجارة، [وتعليل] (٣) ذلك بيِّن؛ فإنَ المنافع متعينة بتعيّن مورد العقد، فإبدالها كإبدال المبيع المعيّن، وتلفها قبل استيفاء المنفعة كتلف المبيع قبل القبض،


(١) في الأصل: بحكم.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: وتعيين.