للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القفّال: لا ينجس هذا الصنف بالموت على هذا القول، ومأخذ القولين في نجاسة الماء من القولين في نجاسة الميتة.

وهذا التردّد عندي يُتلقى من أن المعتمد على قول طهارة الماء ماذا؟ وفيه مسلكان: أحدهما أن المعتمد تعذُّر الاحتراز [فعلى هذا] (١) يتجه [ما قال] (١) صاحب التقريب من الفرق بين ما يعم وبين ما لا يعم.

والثاني - أن الذي ليست له نفسٌ سائلة إذا مات، فكأنه حجر أو جماد؛ فإن البلى والعفن والإنتان يقع من انحصار الدم في تجاويف العروق واستحالتها، ثم يتمادى إلى الجثة، وهذا يقتضي الحكمَ بطهارتها في أنفسها، وسبب كون الموت علّة في جلب النجاسة أنه يقرّب الجثة من التغيّر، والحيوانات التي نتكلم فيها لا تستحيل بالموت، وهي حيّةٌ وميتةٌ على صفة واحدة. ثم إن حكمنا بأنها لا تنجس بالموت، فلا فرق بين أن تكثر في الماء أو تقل، فالماء طاهرٌ.

وإن حكمنا بأنها تنجس بالموت ولكن الماء لا ينجس لتعذر الاحتراز، فلو كثر حتى تغيّر الماء به، فقد ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أن الماء لا ينجس وإن تغيّر؛ فإن التغيّر غيرُ مرعي في الماء القليل، فلو كان ينجس إذا تغيّر، تنجَّس وإن لم يتغيّر.

والثاني - أنه ينجس؛ لأن الاحتراز إنما يتعذّر عما يقلّ من هذا الجنس؛ فإنه قد يلج شيء من طرف الأغطية، فأما الكثير، فمما يُتصوّن منه في العادة، والفرق بين القليل والكثير في الجنس الواحد، نظراً إلى إمكان الاحتراز وتعذره، يوجب الفرق بين الذباب والعقارب، كما قال صاحب التقريب.

٣٤١ - فإن قيل: إذا حكمتم بأن هذه الميتات ليست بنجسة، وذكرتم أن كثيرها


(١) امّحى تماماً من الأصل ما بين المعقفين، وقدرناه على هذا النحو في ضوء السياق، وقبلهما بنحو سطر، وبعدهما بثلاثة أسطر، قرأناها على ضوء ما بقي من أطراف الحروف وظلالها.
فنرجو أن نكون وفقنا للصواب. الحمد لله على توفيقه، فقد شهد بصحة تقديرنا (م)، (ل).