والقول الثاني - أن الواجب مهر العلانية؛ فإنهما أجريا لفظاً صريحاً في العقد، والصرائح لا تحال ولا تُزال عن حقائقها بما يفرض من تواطؤ وتواضع. وهؤلاء يقولون: لو وقع التراضي سراً على خلاف هذا الوجه، وقالا المهر مهر السر، ولم يتعرضا لتعيين اللغة، كما نصصنا عليه؛ فالذي تقدم وعد، والتعويل على المذكور في العقد، كما ذكره المزني.
ومن أصحابنا من طرد القولين، وإن لم يجر تعرض لتغيير اللغة بطريق المواضعة والاصطلاح، وذلك أنه وإن لم يقع لتغيير اللغة تعرض، فالمراد آيلٌ إلى ذلك.
ثم بنى الأئمة على هذه القاعدة جملةَ الأحكام المتلقاة من الألفاظ، فإذا قال الزوج لزجته: إذا دخلت أنت طالق ثلاثاً، لم أرد به الطلاق، وإنما غرضي أن تقومي أو تقعدي، أو غرضي بالثلاث الواحدة، فظاهر المذهب: أن ذلك لا يقبل منه.
وفي هذه المسألة الوجه البعيد الذي ذكرناه في مهر السر والعلانية، وسنبسط القول في هذا في مسائل الطلاق، عند اعتنائي بذكر الصرائح والكنايات، والأمور الظاهرة والباطنة ومسائل التدبير.
فصل
قال:" وإن عقد عليها النكاح بعشرين يوم الخميس ... إلى آخره "(١).
٨٤٤٢ - إذا ادعت المرأة أنه نكحها يوم الخميس بعشرين، ويوم الجمعة بثلاثين، وطلبت المهرين؛ فدعواها مسموعة. فإن ثبت العقدان بإقراره وبالبينة، أو نكل عن اليمين، فرُدّت اليمين عليها، فحلفت، ثبت المهران.
فإن ادعى الزوج بعد ثبوت النكاحين أنه لم يصب في النكاح الأول، فالقول في هذا قوله مع يمينه بناءً على الأصول التي مهدناها؛ إذ قلنا: إذا اجتمع النفي والإثبات في تداعي الزوجين في الإصابة، فالقول قول النافي إلا في المسائل التي استثناها.
ثم ما ذكره الأصحاب أن الزوج لو لم يتعرض لنفي الإصابة في النكاح الأول،