للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما إذا فرعنا على أن الشرع يُلزم ذمة الأب الضمان، فَذِكْرُه الضمان لا معنى له، وهو نطق منه لموجب العقد، فإن ذكر شرط البراءة - أعني براءة الابن، فهذا هو الشرط، وهو فاسد، فإذا اقترن بالصداق؛ يجوز أن يقال يفسد الصداق به، كما سيأتي تقرير ذلك في بابٍ بعد هذا -إن شاء الله تعالى- ويجوز أن يقال: يفسد الشرط ولا يفسد الصداق.

وفيما ذكرناه حكاية عن القاضي وَقْفةٌ عظيمة؛ فإنه [حكم] (١) بأن الأب لا يرجع على القول القديم بما يغرمه عن جهة الضمان الشرعي، وهذا مما لا سبيل إلى القول به؛ فإن الشرع أثبت للأب [نظراً] (٢) في طلب غبطة الابن لكمال شفقته، فإذا نظر له واستد نظره، فانتصاب ذلك سبباً لتضمينه وإلزامِه المغارم الثقيلة، محالٌ، ولا شك أن الابن مطالَبٌ بالمهر إذا بلغ، وكذلك هو مطالب بالنفقات وسائر مؤن النكاح، وليس كالقاتل خطأً؛ فإنه لا يطالَب بالعقل مع إمكان مطالبة العاقلة، وبالجملة لا يُشبِّه المغارمَ التي تتعلق بالمعاملات النظرية المنوطة بشفقة الأب بالجنايات وضرب أروشها

على العاقلة إلا غافلٌ عن القولين، وضرب العقل على العاقلة مُعْتَبَرُ الأحكام التي لا تعلل.

٨٤٥٢ - وينشأ من هذا المنتهى نظرٌ في فنٍّ، وهو: أن البنت إذا خطبها كفء، غلب على الظن أن تزويجها موافق لأقصى الغبطة المطلوبة، فهل يجب على الأب أن يزوّجها، أو لا يجب عليه، أو يجوز له، أو يُستحبّ؟ هذا محل النظر.

٨٤٥٣ - ونحن نرى تقديم أصل على ذلك، فنقول: تصرف الأب في مال الطفل ينقسم، فمنه محتوم، ولا يشك العاقل في رعايته، وهو حفظ ماله وصونه عن الضَّياع، ويتصل بذلك تنميتُه بما يقيمه حتى لا يأكل مؤنُ [الحفظ] (٣) المالَ، وعلى هذا يحتمل قول عائشة (اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة) (٤) فأما التناهي


(١) زيادة اقتضاها السياق. وهي بهذا اللفظ في (صفوة المذهب).
(٢) في الأصل: ناظراً.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) حديث: "اتجروا في مال اليتامى لا تأكلها الزكاة" رواه الطبراني في الأوسط بهذا اللفظ عن =