للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولى بالإرضاع إذا اقتصرت على أجر المثل؛ والسبب فيه التفاوت اللائح بين إرضاعها وإرضاع الأجنبية. وإن لم يجد السلطان متبرعاً، فالظاهر أنه لا يُثبت للأب أجراً، ويجوز أن يقال: يثبته؛ إذ للأب أن يستأجر عاملاً في مال الطفل؛ فإذا لم يمتنع منه بَذْلُ الأجر على العمل، لم يمتنع أَخْذُ الأجر على العمل، فهذه أمور معترضة نبهنا عليها.

٨٤٥٤ - وتزويج الأب ابنته مع ظهور الغبطة، وغلبة الظن في اتجاهها لا يبعد أن يجب. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي (لا تؤخر أربعاً) وذكر من جملتها " البكر إذا وُجد لها كفء " ولا يبعد أن يرى الأب تأخير التزويج لتعلقه بالجبلة، وكون المقصد الأظهر فيه الإعفاف والإمتاع، ويعارض ذلك أن هذا الكلام لو وفّر عليه حقه، لكان مقتضاه منع التزويج، ووجوب التأخر.

فأما المجنونة إذا تشوفت، فيجب تزويجها إذا كانت بالغةً، لظهور الحاجة، فأما التزويج من الطفل، فأبعد من الوجوب، والأظهر أنه لا يجب لما يلزمه من المؤن، ولا حاجة في الحال، وإذا كان مجنونا؛ فالتزويج منه عند مسيس الحاجة حتمٌ.

هذا منتهى النظر في هذا الفن.

وإن كان القاضي يقول: الأب إذا زوّج من ابنه المجنون -حيث يلزمه التزويج منه - يضمن المهر على القديم، وإذا غرِم، لم يرجع، فهذا خروج عن الضبط، ومصيرٌ [إلى] (١) إيجاب إعفاف الابن على الأب، والمرجع (٢) الذي نفاه القاضي لا يفصل فيه بين اليسر والعسر من الطفل، وإن كان يفصل بين [التزويج] (٣) الواجب وبين التزويج الجائز، ويقول: إنما يفسد المرجع في التزويج الجائز، فهذا إثبات نظرٍ على غرر، والآباء لا يورطون أنفسهم في هذه المغارم بما لا يجب عليهم، والتزام الغرر إنما يليق بمن يطلب حقَّ نفسه، كالذي [يؤدب] (٤) زوجته، أو كالذي ينتسب إلى مجاوزة الحد


(١) في الأصل: على.
(٢) المرجع. أي الرجوع.
(٣) في الأصل: الزوج.
(٤) في الأصل: يوهب.