للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآذن عوضاً، وكذلك إذا قال [للجاني] (١): اقطع يدي، فإذا قطعها، لم يلتزم عوضاً، هذا وجه التخريج.

وما ذكره لَستُ أُعدّه من المذهب، وأظن أنه (٢) لم يذكره ليلحقه بأصل المذهب، وإنما ذكره ليوضح جهة الاحتمال وتطرقه إليه؛ فإن ما قاله مسبوق بالإجماع من نقلة المذهب في الطرق المختلفة.

ثم إنما كان ينتفع المناظِر بما خرّجه لو صحّ أنه كان يطلقه فيه إذا جرى التفويض في النكاح مطلقاً، وقضينا بعروّ العقد عن المهر، فكان يجب أن يقال: إذا وطىء الزوج -وقد صَحّ التفويض في أصل العقد- لا يجب المهر، بناء على ما تقدم؛ فإن الزوج بعد صحة التفويض، يتصرف في ملك نفسه، ومن انتفع بملك نفسه، وقد ثبت ملكه خلياً عن العوض، فيبعد أن يستوجب العوض بسبب تصرفه الجائز في ملكه الثابت العريّ عن العوض، [و] (٣) القاضي لا يسمح بتخريجه في هذه الصورة، بل نَقَل عنه من يُعْتَمَد أن سقوط المهر مع جريان المسيس إنما يُقدّر إذا جدّدت تسليطاً على الوطء من غير مهر، وصرّحت بنفي المهر.

والمهر في ذلك متردد عندي؛ فإني رأيت في بعض مجموعاته ما يدلّ على طرده التخريج فيه، إذا جرى تفويض تام على الصحة، من غير احتياج إلى تجديد إذن في الوطء، فإن لم يكن من هذا التخريج بد، فلا بد من طرده على هذا الوجه الذي ذكرناه؛ وذلك أن إذنها المتجدد لا يصادف حقها؛ من جهة أن الزوج هو المستحق للبضع، وقد ثبت استحقاقه الأول عرِيّاً عن العوض، فلا معنى لاشتراط تسليط من المرأة، [فيما] (٤) استقر فيه حق الزوج.

وقد يتجه مع هذا فرق ظاهر بين مسألة التفويض ومسألة إذن الراهن، وذلك أن إذن الراهن متعلقٌ بوطءٍ في غير نكاح، ولايبعد أن يخلو وطءٌ في غير نكاح عن


(١) في الأصل: الجاني.
(٢) في الأصل: وأظن أنه إن لم يذكره.
(٣) (الواو) زيادة من المحقق.
(٤) في الأصل: فما.