للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم، إذ قال: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]

ولا يتصور أن يخلُوَ عن المهر وطء -في غير ملك اليمين، مع كونه محترماً- إذا أمكن تقدير المهر.

والذمية إذا نكحت في الشرك على التفويض، وكانوا يرَوْن سقوط المهر عند المسيس أيضاً، فقد ينزل النكاح على موجب عقدهم إذا اتصل الإسلام، كما سبق تقريره.

والسيد إذا زوّج أمته من عبده، فلا يثبت المهر أصلاً؛ فإن إثباته غير ممكن، وما حكيناه من مذهب بعض الأصحاب في أن المهر يثبت بأصل النكاح، ويسقط، لا تحصيل فيه ولا تحقيق وراءه.

فأما في غير هاتين المسألتين، فلا يتصوّر خلو مسيسٍ في نكاحٍ من مهر، هذا ما اتفق عليه الأصحاب قاطبة في طرقهم.

٨٤٥٩ - وقال القاضي إذا [قالت له زوجته] (١)، وهي مفوضة: " طأني ولا مهر عليك "، فلا يمتنع أن نقول: إذا وطئها في نكاح التفويض على الوجه الذي صورناه، إن المهر لا يجب؛ فإنها صاحبة الحق، وقد [سلّطته] (٢) مع الرضا بانتفاء المهر، وخرّج عن هذا قولَ الشافعي في كتاب الرهون: إذا قال الراهن للمرتهن: أذنت لك في جماع هذه الجارية المرهونة، فإذا واقعها ظانّاً أن الوطء يحلّ له بإذن الراهن، ففي وجوب المهر قولان للشافعي، ذكرناهما. في الرهون، قال: ووجه قوله " لا يجب المهر " أن مالك البضع، ومن يثبت له المهر -لو ثبت- رَضيَ بالوطء، فكان ذلك إسقاطَ حقه منه.

ومن الأقيسة الجلية الكليّة في قاعدة الشرع أن من يملك إسقاط العوض بعد ثبوته له، إذا سلّطه على إتلاف العوض، كان تسليطُه عليه متضمناً إسقاط العوض. ولذلك نقول: إذا قال مالك العبد لإنسان: " اقتله "، فقتله، لم يلتزم القاتل بالإذن للمالك


(١) في الأصل: قال لزوجته.
(٢) في الأصل: سلطت. وفي (صفوة المذهب): أسقطته.