للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٤٨٨ - فمن أصحابنا من ذكر وجهين في أن الأب هل يحلف عن طفله الموليِّ عليه فيما يتعلق بتصرف الولاية؟

ثم حاصل ما ذكره الأئمة ينحصر في مسلكين: أحدهما - طرْد الوجهين في كل ما يتعلق بحظ الطفل، ويندرج تحت ولاية الولي، من غير فرق بين أن تكون الخصومة متعلقة بتصرف أنشأه الولي، وبين ألاّ تكون كذلك.

وبيان القسمين: أن من أتلف مالاً من أموال الطفل، ثم أنكر، فللولي أن يحلّفه إن لم يجد بيِّنةً، فإن نكل عن اليمين، ففي رد اليمين على الأب وجهان. وكذلك القول في كل ما يضاهي ذلك.

وسبب طَرْد الخلاف يتبين بالتوجيه، فمن أبى ذلك، احتج بأن الأيْمان لا يتطرق إليها إمكان النيابة، وسبب ذلك أن الحالف متعرض [للحِنث] (١) والمأثم لو كذب، ولا يليق بمناصب النيابة قيامُ الغير مقام الغير في التعرض للحرج، بل حكمة الشرع في اختصاص صاحب الواقعة بهذا المأثم. وهذا في مسلكه يضاهي العبادات البدنية؛ فإنها امتحان الأبدان بالمشاق، حتى تتهذب وتتعرض لثوابها، ولهذا لم يُحلَّف الوكيل بالخصومة، وإذا انتهت الخصومة [إلى توجيه اليمين عليه] (٢) رُد الأمر إلى تحليف الموكِّل.

ومن جوّز للأب أن يحلف، احتج بأنه في تصرفه مستبدٌّ غيرُ مستناب، فهو في حكم المالك المتصرف في حكم نفسه. وهذا فيه بعد؛ فإن الأب مستناب شرعاً، وإن كانت استنابته لا تتعلق بإذنٍ من آذن، وإذا كان يتصرف لغيره، فقد اتجه الفقه الذي ذكرناه في منع الحلف.

التفريع على الوجهين:

٨٤٨٩ - إن حكمنا بأن الأب لا يحلف -وهو القياس- فالوجه: وقف الخصومة إلى أن يبلغ الصبي، فيتعرضَ لليمين حينئذ، وكان شيخي يقول على هذا: لا معنى


(١) في الأصل: الحلف.
(٢) ساقط من الأصل.