للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعرض اليمين على الخصم؛ فإن منتهى الخصومة قد يفضي إلى نكوله، ثم لا يُقضَى بنكوله. وذهب كثير من أئمتنا إلى أنه يحلّف الخصم؛ فإنه إذا رغب في اليمين، فلا امتناع في القضاء بيمينِ مَنْ خصمُه طفل، وإنما الامتناع في تحليفِ أو في إنابةِ غيره منابه، وهذا هو الذي لا يجوز غيره.

فإن حلف، فذاك، وإن نكل عن اليمين، توقفنا حينئذ.

وإن قلنا: يحلف الأب، فإن نكل الخصم، رددنا اليمين على الأب، فإن حلف، ثبت حق الطفل، وإن نكل، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أنا نقف الأمر إلى أن يبلغ الصبي، ولعله يحلف، ثم إن حلف استحق.

ومنهم من قال: تنفصل الخصومة بنكول الأب عن يمين الرد؛ فإنا لم نقمه في مقام الحالفين إلا على تقدير تنزيله منزلةَ من هو صاحب الواقعة، حتى كأنه المالك، وإليه الانتهاء، ولهذا نظير من طريق اللفظ، وهو أن الوارث إذا لم يحلف مع الشاهد الواحد في ادعاء دَيْنٍ أو عينٍ للمتوفى، فلو كان للميت غريم، فأراد أن يحلف إذا نكل الوارث؛ ففيه قولان، وترتيبٌ سيأتي مستقصى في كتاب القسامة، إن شاء الله عز وجل.

ولكن ليس ما نحن فيه مثلَ ما أردناه؛ فإن الوارث مالك التركة على الحقيقة، فلا يمتنع أن يؤثر نكولُه، والغريم له حق التعلّق بالتركة لو ثبتت، وفي مسألتنا الملك على الحقيقة للطفل.

فإن قيل: كيف يجري تحليف الأب لطفله، وشهادته له مردودة؟ قلنا: اليمين لا تؤخذ من مأخذ الشهادة؛ فإن الإنسان لا يشهد لنفسه، ويحلف فيما يتعلق به جلْباً ودفعاً، وهذا كله بيان طريقة واحدة.

٨٤٩٠ - ومن أصحابنا من قال: [إن كانت] (١) الخصومة متعلقةً بشيء ما أنشأه (٢) الوليُّ، فلا يحلف فيه الولي أصلاً، وإن تعلق بما أنشاه الولي، ففي تحليفه وجهان.


(١) ما بين المعقفين مكان بياضٍ بالأصل.
(٢) ما أنشأه: نؤكد أن (ما) هنا نافية.