ولو سألت المرأة القاضيَ، واستدعت منه أن يسأل الرجل عن النكاح، حتى إن اعترف هو به، لزمه حكم النكاح، وإن أنكر تعلَّق بإنكاره حكمُ إنكار النكاح، فيجب على القاضي أن يبحث.
ثم قال قائلون: إن ادّعت الصداق، وسألت القاضي أن يسأله عن النكاح، سأله، ولزمته إجابته. وقال طائفة من المحققين: لا يسأله ولا تلزمه الإجابة -إن سأله- حتى تدعي الزوجةُ الزوجية. فإن ادعتها، فحينئذ يراجع القاضي الزوجَ، وإن لم تدع الزوجية، لم يجب على القاضي أن يتعرض لها، كما لو قال رجل -وقد رفع رجلاً إلى مجلس الحكم- اسأله أيها القاضي، هل لي عليه ألف؟ فهذا ليس بدعوى، ولا مبالاة به، وإنما ذكرنا من وجوب مراجعتها ما ذكرناه لجزمها دعواها في الصداق، ثم إذا جزمت دعوى الزوجية، فقد ذكرنا تفصيل دعوى الزوجية في فروع ابن الحداد في آخر النكاح.
٨٤٩٧ - وقد ذكر القاضي أموراً تتعلق بدعوى الزوجية، نذكرها وننظر ما فيها: فإذا ادعت المرأة الزوجية، فاعترف الزوج بها، وأنكر المهر؛ فقد قال: ثبت لها مهر المثل، ولو أراد الزوج أن يحلف، لم يكن له ذلك، والحاكم يقول: لا فائدة لك في الحلف، فإن النكاح العري عن المهر يثبت فيه مهر المثل.
وهذا أمر ملتبسٌ لابد فيه من التفصيل، فنقول: إن قال الزوج جرى النكاح عرياً عن المهر، ولم يدع تفويضاً محققاً على حكم التصريح بإسقاط المهر؛ فموجب ما ذكره ثبوت مهر المثل. وإن نفى المهر، ولم يصف العقد بالعرو عن ذكره، ولكن قال: لا مهر لها؛ فالذي ذكره القاضي: أن قول الزوجة مقبول في دعوى مهر المثل.
وهذا مشكل جداً؛ من قِبل أن النكاح يفرض عقده بأقلّ ما يتمول، وليس شرط انعقاد النكاح أن يكون فيه مهرُ المثل، فكيف الوجه في ذلك؟ وما علة الحكم بثبوت مهر المثل؟ فنقول: وجه ما ذكره: أن النكاح في نفسه -إذا لم يثبت فيه مسمى صحيح - بمثابة الوطء المحرم، فإن الوطء المحرم يتعلق به مهر المثل، فصورة النكاح إذا لم يثبت فيه صداق مسمى، تتضمن مهر المثل، والتسمية وإن كانت ممكنة فإذا لم تثبت؛ فالمرأة مستمسكة بما أصله التزام مهر المثل. هذا تعليل ما ذكره.